نستله ومنافِسوها يخفّضون وتيرة رفع الأسعار في الولايات المتحدة لكسب ثقة المستهلك الأمريكي القَلِق
تسعى شركات السلع الاستهلاكية الكبرى، مثل نستله ويونيليفر، إلى تهدئة وتيرة رفع الأسعار في السوق الأمريكية في محاولة للحفاظ على حصتها السوقية، وسط تحوّل المستهلكين نحو العلامات التجارية الأرخص التابعة للمتاجر، وذلك في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية والمخاوف من ركود اقتصادي مرتقب.
أعلنت شركة نستله، أكبر شركة أغذية ومشروبات في العالم وصاحبة علامات مثل “نسكافيه” و”كيت كات”، عن خفض أسعارها بنسبة 1% في السوق الأمريكية، وهي السوق الأكبر للشركة، مرجعة السبب إلى ضعف ثقة المستهلك. وقال الرئيس التنفيذي لوران فريكس في مكالمة أرباح يوم الخميس: “بعض القرارات السياسية والاقتصادية أثّرت سلبًا على معنويات المستهلكين التي كانت هشة أصلاً”.
من جهتها، سجلت يونيليفر، المالكة لمنتجات “دوف” و”بن آند جيري”، زيادة طفيفة في أسعارها بنسبة 2.1% فقط في أمريكا الشمالية، مقارنة بزيادات أعلى في مناطق أخرى من العالم.
تواجه العلامات التجارية الكبرى منافسة متزايدة من العلامات الخاصة التابعة لمتاجر التجزئة مثل “وولمارت” و”تارجت”، والتي تُباع بأسعار أقل. ووفقًا لبيانات شركة “نيلسن آي كيو”، ارتفعت أسعار منتجات العلامات الخاصة بنسبة 4% في الربع الأول من 2025، مقابل 2% فقط للعلامات التجارية الكبرى، مع استمرار الفارق السعري لصالح العلامات الخاصة بمعدل لا يقل عن دولار واحد لكل منتج في المتوسط.
هذا التحول يُقلق المستثمرين، إذ تُظهر بيانات “ماكنزي” أن العلامات الخاصة تنمو حاليًا بمعدل أربعة أضعاف سرعة العلامات الوطنية في السوق الأمريكية. كما كشف استطلاع رأي أن 60% من المستهلكين يخططون لتعديل سلوكهم الشرائي بالاتجاه نحو منتجات أرخص أو التسوق من نوادي الجملة أو المتاجر الإلكترونية.
وقال روب هولستون، مدير قطاع المنتجات الاستهلاكية في شركة EY: “نسبة كبيرة من الناس تتحول ببساطة إلى العلامات الخاصة”، مضيفًا أن “العديد من عملائنا يقولون إنهم في حالة حرب فعلية مع هذه العلامات”.
في موازاة ذلك، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا رسومًا جمركية واسعة على العديد من الدول، ما أثار مخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود. وقد أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات إلى تقليص القوة الشرائية للأسر الأمريكية.
وكان ترامب قد التقى هذا الأسبوع مسؤولين من متاجر مثل “وولمارت” و”تارجت” لمناقشة تأثير الرسوم الجمركية على وارداتهم، في وقت يرى فيه المحللون أن قدرة الشركات على تمرير التكاليف إلى المستهلكين قد بلغت حدودها القصوى.
أظهرت شركات مثل ريكيت، المالكة لعلامة “ديوركس”، حذرًا شديدًا، حيث لم ترفع أسعارها في أمريكا الشمالية سوى بنسبة 0.9% في الربع الأول، مقارنة بـ 3% في أوروبا و3.9% في الأسواق الناشئة.
ورغم انتشارها العالمي، تعاني شركتا نستله ويونيليفر من تراجع مستمر في حصصهما السوقية داخل الولايات المتحدة. فقد خسرت نستله حصتها في المتاجر الأمريكية خلال 18 ربعًا متتاليًا، خصوصًا في فئات الأغذية المجمدة وكريمة القهوة. أما يونيليفر، ففقدت حصتها في جميع الأرباع باستثناء اثنين فقط، حسب بيانات تحليلية من “باركليز”.
قال أفتاب حسين، مدير شريك في مجموعة “بي سي جي”: “تطور قدرات العلامات الخاصة لدى المتاجر أصبح سريعًا، وبعضها بات يتفوق على العلامات العالمية من حيث الابتكار والجاذبية”.
وفي ظل هذا الواقع الجديد، تجد الشركات الكبرى نفسها أمام تحدٍ صعب للحفاظ على ولاء المستهلك الأمريكي. وقال توم ليميجري، مدير محفظة في شركة “جانوس هندرسون”: “من الصعب العثور على ملاذات آمنة للمستثمرين… على الشركات الاستهلاكية أن تعيد التفكير في استراتيجياتها لمواجهة المنافسة المتزايدة من العلامات الخاصة”.