حماية زراعة البُن اليمني.. كيف تساهم المبادرات المناخية في الحفاظ على إرث وطني

 

في أعماق اليمن، تُعتبر زراعة البن (القهوة) أكثر من مجرد نشاط اقتصادي؛ إنها إرث ثقافي يربط بين الأجيال. بالنسبة لسعيدة، المزارعة من مديرية صَبِر الموادم، تُجسد أشجار القهوة إرثًا عريقًا وصمودًا لا يتزعزع، تغذيه المحبة والعمل الدؤوب في مواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ. قصة سعيدة هي انعكاس للثقافة التاريخية للبُن اليمني ومعركته من أجل البقاء في ظل الظروف المناخية القاسية.

التكيُّف مع المناخ من خلال حلول مبتكرة

يواجه مزارعو القهوة في اليمن تحديات متزايدة مثل انخفاض هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وتدهور التربة. لمواجهة هذه العقبات، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مشروع الأشغال العامة ضمن مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن (FSRRP)، بتمويل من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي (IDA)، بإنشاء خزانات لحصاد مياه الأمطار. تُعد هذه الخزانات مصدرًا حيويًا للمياه، مما يساعد المزارعين مثل سعيدة في الصمود خلال فترات الجفاف القاسية.

في مديرية صَبِر الموادم، أحدث خزانان بسعة 400 متر مكعب لكل منهما تأثيرًا ملموسًا. المزارعون الذين تمكنوا من استخدام هذه المياه حققوا إنتاجًا محسّنًا هذا الموسم. ومع ذلك، تؤكد سعيدة على الحاجة الملحّة لتوفير المزيد من هذه الخزانات لدعم كافة المزارعين في المنطقة.

روح المجتمع اليمني في زراعة القهوة

يمثل موسم حصاد القهوة في اليمن فرصة للتواصل الاجتماعي والثقافي، حيث يجتمع أفراد الأسرة والمجتمع للعمل معًا. بالنسبة لسعيدة، يمثل الحصاد وقتًا للم شمل العائلة وتبادل الحكايات والأغاني الشعبية. تُجفف حبات القهوة على الأسطح بعناية، وهي عملية تتطلب شهورًا من المتابعة الدقيقة للحفاظ على الجودة العالية.

تقول سعيدة: “هذا العمل لا يتعلق فقط بالدخل، بل بالحفاظ على ثقافة أجدادنا ونقلها للأجيال القادمة.”

تحديات تتجاوز المناخ: الآفات الزراعية ونقص المعرفة

إضافةً إلى شُح المياه، يواجه المزارعون في اليمن تحديات مثل انتشار الآفات الزراعية، بما في ذلك الحشرات التي تصيب أشجار القهوة، وغياب الإرشادات الحديثة لمكافحتها. يعتمد المزارعون على المعرفة المتوارثة عبر الأجيال، مع أملهم في تلقي دعم وتدريب أكبر من الجهات المانحة.

تمكين الجيل القادم

رغم التحديات، تأمل سعيدة في مستقبل مشرق لزراعة القهوة في اليمن. تدعو الشباب إلى إدراك القيمة الاقتصادية والثقافية للقهوة، وتشجعهم على مواصلة هذا الإرث. تقول: “يمكن للشباب أن يستفيدوا من عوائد القهوة مع الحفاظ على تقاليدنا”، مشددةً على أهمية الاستثمار في الأدوات الزراعية وتوفير الموارد التي تُمكّن الجيل الجديد.

إرثٌ يتجسّد في كل فنجان

تعكس قصة سعيدة قوة وثبات المزارعين اليمنيين الذين يواصلون العناية بالأرض رغم الظروف القاسية. مع كل فنجان قهوة يُحصد ويُجفف، تحتفل سعيدة ليس فقط بثمار عملها، بل بإرثها المتجذر في التقاليد وأملها في غدٍ أفضل.

من خلال مشاريع مثل مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، يحصل المزارعون على الدعم اللازم لتجاوز التحديات والحفاظ على مجتمعاتهم. وكما تقول سعيدة: “الحفاظ على هذه الشجرة وإرثنا أهم من مجرد القيمة الاقتصادية.” في بلد يُمثل فيه كل قطرة ماء أهمية كبيرة، وكل حبة قهوة تحمل قصة، تُعتبر صمود سعيدة دليلًا على أن التقاليد ستظل حية رغم كل الصعاب.


اقرأء القصة الكاملة:

حماية زراعة البُن اليمني في ظل التغير المناخي: إرثٌ يتجسد في كل حبة

كيف تساهم تعزيز مواجهة المناخ ودعم المجتمع في مساعدة المزارعين اليمنيين على الحفاظ على إرثٍ ثقافي

تعز، اليمن – بالنسبة لسعيدة، زراعة القهوة في تعز ليست مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هي إرثٌ عائلي. فقد نشأت في مزرعة والدها بمُديرية صَبِر الموادم، حيث تعلمت العناية بأشجار القهوة مع والديها اللذين علّماها فن التقليم والحصاد واحترام الأرض. اليوم، بينما تتولى زراعة أراضي عائلتها البالغ مساحتها 8,400 متر مربع، يظل شغفها بالأرض واهتمامها بإرث القهوة اليمني مصدر إلهام لها في مواجهة التحديات والاحتفال بالإنجازات التي يحملها كل فنجان للقهوة.

“علاقة المُزارع بالزراعة مثل علاقة الأم بطفلها”، تقول سعيدة، موضحةً العلاقة العاطفية التي تربطها بعملها. “الزراعة لا تُحسّن من دخل عائلتنا فحسب، بل تمكننا أيضاً من نقل ثقافة أجدادنا.”

حصاد مياه الأمطار يُعزز القدرة على التكيُّف

مع تفاقم آثار تغير المناخ في اليمن، يواجه المزارعون مثل سعيدة تحديات متزايدة. فقد انخفض هطول الأمطار بشكل كبير، مما ترك أشجار القهوة – والعائلات التي تعتمد عليها – عُرضةً للخطر.

استجابةً لذلك، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مشروع الأشغال العامة بإنشاء خزانات لجمع مياه الأمطار في أنحاء مختلفة من المنطقة ضمن مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، الذي يموّله البنك الدولي. تُوفر هذه الخزانات إمدادات مائية حيوية لزراعة القهوة خلال أشهر الجفاف في اليمن.

في مُديرية صَبِر الموادم، أحدث خزانان سعة كل منهما 400 متر مكعب فرقاً كبيراً؛ فقد ساعدا المُزارعة سعيدة وعدداً من المزارعين الآخرين في الحفاظ على محاصيلهم خلال موجات الجفاف الأخيرة. تقول سعيدة: “المُزارعون الذين استخدموا المياه من خزانات مشروع الأشغال العامة هم فقط الذين شهدوا تحسُّناً في إنتاجهم هذا الموسم”. ومع ذلك، تشير إلى الحاجة المُلِحّة لإنشاء المزيد من الخزانات لدعم المنطقة بأكملها.

تمكين الجيل القادم وإعداد قادة المُستقبل

بينما تواصل سعيدة العناية بحقولها بكل إخلاص، تحلم بمستقبل يواصل فيه الشباب اليمني حَمل إرث القهوة في البلاد. بصفتها المسؤولة عن مزرعة عائلتها، تشجع المزارعين الشبان على تقدير القهوة لما لها من قيمة اقتصادية وأهمية ثقافية. وتقول: “يمكن للشباب الإستفادة من عوائد القهوة مع الحفاظ على تقاليدنا”، مشيرة إلى أهمية أن يستثمر القادة المحليون في الأدوات والموارد الزراعية التي ستمكن الجيل القادم.

إرثٌ يتجسّد في كل فنجان

تعكس قصة سعيدة قوة وثبات المزارعين اليمنيين الذين يواصلون العناية بالأرض رغم الظروف القاسية. مع كل فنجان قهوة يُحصد ويُجفف، تحتفل سعيدة ليس فقط بثمار عملها، بل بإرثها المتجذر في التقاليد وأملها في غدٍ أفضل.

بتمويل ودعم من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن (FSRRP) من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي. ويعمل الجزء الخاص ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تحسين البنية التحتية للإنتاج الزراعي وتعزيز القدرة على التكيّف مع تغيّرات المناخ بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة.

نشر في :