Site icon عالم القهوة

كشف التعقيدات الخفية في سلسلة قيمة القهوة:. تحليلات من تقرير “أسس المشاركة”

كشف التعقيدات الخفية في سلسلة قيمة القهوة:. تحليلات من تقرير “أسس المشاركة”

تعتبر صناعة القهوة العالمية، التي تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات ويغذيها استهلاك أكثر من 2.25 مليار كوب يومياً، مليئة بالتحديات. ومن بين هذه التحديات التوزيع غير المتكافئ للقيمة على طول سلسلة التوريد المعقدة. لمعالجة هذه القضايا، قامت المنصة العالمية للقهوة (GCP) ومنظمة IDH ومؤسسة “سوليداريداد” بتكليف دراسة رائدة بعنوان “أسس المشاركة”. ويقدم التقرير، الذي حللته بدقة السيدة ميت ماري هانسن، مديرة برنامج القهوة في منظمة IDH، رؤية عميقة حول كيفية إنشاء وتوزيع القيمة في سلاسل القهوة المرتبطة بالسوق الألماني.

تحليل شامل ومبتكر

تستعرض هذه الدراسة الشاملة أكثر من 40 منتجاً من القهوة القادمة من البرازيل وكولومبيا وإثيوبيا وفيتنام، متتبعة رحلتها إلى ألمانيا، أكبر مستهلك للقهوة في أوروبا. سوق القهوة في ألمانيا، الذي يتميز بديناميكيات تنافسية في قطاع البيع بالتجزئة وعمليات تحميص كبيرة، شكّل الخلفية المثالية لهذه الدراسة. وقد فحص الباحثون أنواع القهوة التقليدية وتلك الحاصلة على شهادات اعتماد (مثل Rainforest Alliance وFairtrade)، مما يقدم رؤى حول تحديات تحقيق التوزيع العادل للقيمة.

أظهرت الدراسة أن القيمة الناتجة عن القهوة تتراكم بشكل غير متناسب في مراحل البيع بالتجزئة والتحميص، مما يترك المزارعين بعوائد مالية ضئيلة. فعلى سبيل المثال، بينما يبلغ متوسط سعر البيع بالتجزئة للقهوة في ألمانيا 8.06 يورو/كجم، يحصل المزارعون فقط على 0.41 يورو/كجم. ويتفاقم هذا التباين بسبب التقييم المنخفض لجهود العمل العائلي في المزارع الصغيرة، وهو قضية حاسمة تؤثر على الاستقرار الاقتصادي للعديد من المنتجين.

أبرز النتائج: تركيز القيمة والتفاوتات

  1. هيمنة قطاع البيع بالتجزئة: يستحوذ تجار التجزئة على الحصة الأكبر من الأرباح، مستفيدين من العلامات التجارية والتسويق والمنتجات الفاخرة مثل الكبسولات، التي تحقق أسعاراً أعلى دون تحقيق فوائد كبيرة للمزارعين.

  2. هوامش مستقرة للمصدرين والمستوردين: يحافظ الوسطاء على هوامش ربح منخفضة لكنها ثابتة بفضل اقتصاديات الحجم، مما يضمن الكفاءة في تجارة القهوة العالمية.

  3. التقييم المنخفض للعمل العائلي: غالباً ما يتم تجاهل مساهمات العمل العائلي في المزارع الصغيرة، مما يؤدي إلى تصورات غير دقيقة عن الربحية ويترك المزارعين عرضة للتقلبات السوقية.

  4. عدم المساواة في السوق: تحقق المزارع الكبيرة، وخاصة في البرازيل، أرباحاً أكبر بسبب اقتصاديات الحجم، بينما تعاني المزارع الصغيرة من الفقر وقلة الفرص لتحسين جودة منتجاتها.

  5. افتقار المزارعين للسيطرة: يفتقر صغار المزارعين غالباً إلى القدرة على التأثير في كيفية تسويق قهوتهم أو بيعها، مما يتركهم تحت رحمة تقلبات الأسعار العالمية والممارسات التجارية.

رسم مستقبل توزيع القيمة

لا تسلط الدراسة الضوء فقط على الاختلالات الهيكلية في سلسلة توريد القهوة، بل تقدم أيضاً أدوات وتوصيات عملية. وقد طورت شركة BASIC البحثية أداة إلكترونية لمحاكاة توزيع القيمة والتكاليف عبر سلاسل التوريد، مما يمكن المعنيين من تحديد نقاط الضعف واستكشاف حلول عادلة.

خطوات عملية:

التقدم من الوعي إلى العمل

في حين أن النتائج تؤكد الإدراك طويل الأمد بعدم المساواة، فإنها تتحدى أيضاً المفاهيم الخاطئة، مثل المبالغة في تقدير هوامش الربح للمستوردين. تشجع الدراسة جميع الأطراف المعنية على الانتقال من الاعتراف بالمشكلة إلى تنفيذ الحلول العملية.

وكما أشارت السيدة هانسن بوضوح: “تحديد المشكلة لا يعني حلها؛ الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات.” من خلال تعزيز الممارسات العادلة، يمكن لصناعة القهوة أن تخلق مستقبلاً مستداماً يعود بالنفع على جميع الأطراف، من صغار المزارعين إلى المستهلكين النهائيين.

دعوة للتغيير

يعد تقرير “أسس المشاركة” بمثابة دعوة للاستيقاظ لقطاع القهوة العالمي. من خلال إعادة تقييم توزيع القيمة ومعالجة أوجه عدم المساواة النظامية، تملك الصناعة فرصة لخلق سلسلة قيمة أكثر عدلاً واستدامة. يتطلب هذا الجهد العمل الجماعي والابتكار والالتزام بتمكين أولئك الذين يقفون في أساس إنتاج القهوة.

من خلال مثل هذه المبادرات، يمكن لمجتمع القهوة أن يضمن أن كل فنجان يعكس ليس فقط نكهة الحبوب بل أيضاً قيمة الجهود التي ساهمت في إنتاجه.

Spread the love
Exit mobile version