Site icon عالم القهوة

تراجع صادرات القهوة المحمصة والقابلة للذوبان في يوليو 2025

Roasted and Soluble Coffee Exports Decline in July 2025

دبي، 6 سبتمبر 2025 (قهوة ورلد) – كشف تقرير منظمة القهوة الدولية لشهر أغسطس 2025 عن تراجع ملحوظ في صادرات القهوة المحمصة والقابلة للذوبان خلال يوليو، في مؤشر جديد يعكس حجم التحديات التي يواجهها قطاع القهوة في مختلف مراحله. فقد أظهرت البيانات أن صادرات القهوة المحمصة انخفضت بنسبة 63% لتصل إلى 30 ألف كيس فقط، مقارنة بـ 81 ألف كيس في يوليو من العام الماضي، وهو تراجع حاد يعكس ضغوطًا غير مسبوقة على هذه الفئة التي تمثل شريحة مهمة من تجارة القهوة ذات القيمة المضافة. وفي الوقت ذاته، تراجعت صادرات القهوة القابلة للذوبان بنسبة 5% لتبلغ 1.08 مليون كيس مقابل 1.13 مليون كيس في الفترة نفسها من العام الماضي، وهو انخفاض يبدو متواضعًا مقارنة بالقهوة المحمصة لكنه يثير القلق نظرًا لأن هذه الفئة تشكل جزءًا أساسيًا من استهلاك القهوة في الأسواق الناشئة والنامية.

يرجع المحللون هذه التراجعات إلى مجموعة من العوامل المتداخلة التي تضغط على السوق من عدة اتجاهات. فمن جهة، أدى الارتفاع التاريخي في أسعار القهوة العالمية خلال أغسطس 2025، حيث وصل المؤشر المركب لأسعار القهوة إلى 297.05 سنتًا أمريكيًا للرطل بزيادة 14.6% عن الشهر السابق، إلى تراجع الطلب على المنتجات النهائية مرتفعة الثمن مثل القهوة المحمصة، خصوصًا في الأسواق الأوروبية والأمريكية التي تواجه أصلاً ضغوطًا اقتصادية ناتجة عن التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. ومن جهة أخرى، فإن ارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن، بما في ذلك أسعار الطاقة والعمالة والنقل، قلل من قدرة الشركات المنتجة على الحفاظ على تنافسيتها، ما دفع بعضها إلى خفض صادراتها وإعادة توجيه جزء من إنتاجها إلى الأسواق المحلية التي توفر هامشًا أعلى من الاستقرار.

أما بالنسبة للقهوة القابلة للذوبان، فإن الانخفاض بنسبة 5% يعكس تباطؤًا في بعض الأسواق التقليدية، مقابل منافسة متزايدة بين كبار المنتجين في فيتنام والهند ودول أخرى. ومع أن هذه الفئة لا تزال تحافظ على مكانتها كأكثر أشكال القهوة انتشارًا في العديد من الدول، إلا أن تحول المستهلكين الشباب نحو القهوة المختصة ومنتجات التحميص المحلي بدأ يسحب جزءًا من حصتها السوقية. هذا التغير في سلوك المستهلكين يشير إلى أن الطلب لم يعد يعتمد على الكمية وحدها، بل على الجودة والتجربة والتنوع، وهو ما يشكل تحديًا للشركات الكبرى التي ركزت لعقود على إنتاج القهوة الفورية بأسعار منخفضة وحجم إنتاج ضخم.

التراجع في الصادرات النهائية للقهوة يحمل دلالات اقتصادية مهمة، لأنه يعني أن الضغوط لم تعد مقصورة على البن الأخضر الخام، بل امتدت إلى المنتجات المصنعة التي تصل مباشرة إلى المستهلك. وإذا ما أضفنا هذا التراجع إلى ما كشفه التقرير نفسه من انخفاض المخزونات العالمية إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل 2024، يصبح واضحًا أن سلسلة الإمداد بأكملها تمر بمرحلة من الاضطراب. ويؤكد الخبراء أن استمرار هذه الاتجاهات قد يؤدي إلى مزيد من التقلبات في الأسعار خلال الأشهر المقبلة، إذ إن أي صدمة إضافية سواء مناخية أو تنظيمية قد تكون كافية لزيادة الضغط على السوق العالمية.

من الجدير بالذكر أن بعض الأسواق الناشئة ما زالت تمثل بارقة أمل للمنتجين، إذ يتوقع أن يستمر الطلب على القهوة القابلة للذوبان في النمو في أفريقيا وأجزاء من آسيا، وإن بوتيرة أبطأ من السابق. غير أن المنافسة الشديدة والتحديات التنظيمية مثل لائحة الاتحاد الأوروبي لمكافحة إزالة الغابات (EUDR) تضيف أعباء جديدة على المصدرين الذين يواجهون بالفعل ارتفاعًا في التكاليف. ومع ذلك، قد يرى البعض في هذا الوضع فرصة لإعادة التفكير في نماذج الأعمال والاستثمار في منتجات مبتكرة قادرة على مواكبة التحولات في السوق، سواء عبر التركيز على القهوة المختصة أو إدخال تحسينات على القهوة الفورية لتلبية تطلعات المستهلكين الجدد.

تقرير منظمة القهوة الدولية يوضح أن مراقبة صادرات القهوة المحمصة والقابلة للذوبان ستظل أداة مهمة لفهم اتجاهات الاستهلاك العالمي خلال الفترة المقبلة. وإذا استمر التراجع، فقد نكون أمام تحول أعمق في صناعة القهوة، حيث لا تعود الكميات المصدرة وحدها هي المقياس، بل تصبح القيمة المضافة والقدرة على التكيف مع متطلبات الأسواق والمستهلكين هي العامل الحاسم في بقاء الشركات وتوسعها. وفي ظل الظروف الحالية، يبدو أن القهوة تدخل مرحلة حساسة تعيد رسم ملامح الطلب العالمي وتفرض على جميع اللاعبين في القطاع استراتيجيات جديدة للبقاء في دائرة المنافسة

.

Spread the love
Exit mobile version