Site icon عالم القهوة

شتيفن شفارز: أوروبا تشهد تحولًا صامتًا في تفضيلات القهوة نحو الكانيبورا

شتيفن شفارز: أوروبا تشهد تحولًا صامتًا في تفضيلات القهوة نحو الكانيبورا

يرى الدكتور شتيفن شفارز، الخبير في علوم القهوة التطبيقية، أن القارة الأوروبية تشهد تحولًا تدريجيًا لكن واضحًا في تفضيلاتها لأنواع القهوة، حيث بدأت حبوب الكانيبورا (المعروفة شعبيًا بالروبوستا) تأخذ مكانًا متزايدًا على حساب حبوب الأرابيكا التي لطالما كانت مهيمنة لعقود. ويصف شفارز هذا التغيير بـ”التحول الصامت”، مشيرًا إلى أن أسبابه تتجاوز الاعتبارات الاقتصادية لتشمل تغيّرًا عميقًا في المفهوم الأوروبي للجودة والنكهة والوظيفة.

ويُعد الدكتور شفارز من أبرز المتخصصين في هذا المجال، ويعمل ضمن “قنصلية القهوة” (Coffee Consulate)، وهي مركز مستقل للتدريب والبحث العلمي في مجال القهوة، مقره ألمانيا. يقوم هذا المركز بتطوير برامج تدريبية تستند إلى نتائج الأبحاث العلمية، ويقدّم ورش عمل تخصصية مرنة، بالإضافة إلى دورات تدريبية متكاملة تلبي احتياجات مختلف العاملين في صناعة القهوة، من المقاهي والفنادق والمخابز إلى المحامص والمزارعين.

ومن أبرز برامج المركز، برنامج “خبير القهوة” (Coffeologist)، الذي يغطي سلسلة القيمة الكاملة للقهوة من المزرعة إلى الفنجان، ويتضمن 12 ورشة تدريبية يومية. ويرتكز البرنامج على دورة “متذوق القهوة” (Coffee Connoisseur)، التي تمتد لستة أيام وتركّز على مبادئ الزراعة والمعالجة، والخصائص النباتية، وأصول القهوة، إضافة إلى أسس التحليل الحسي وتذوق القهوة بشكل احترافي.

وبالعودة إلى التحول الجاري في أوروبا، يشير شفارز إلى أن تقرير القهوة الأوروبي لعام 2023/2024 يُظهر تراجعًا طفيفًا في حصة الأرابيكا ضمن واردات البن الأخضر إلى دول الاتحاد الأوروبي ورابطة التجارة الحرة، لتبلغ 59.2%، مقابل صعود ملحوظ للكانيبورا التي تجاوزت حصتها 40%، بل وتفوقت على الأرابيكا في دول مثل إيطاليا والبرتغال وشرق أوروبا.

ويؤكد شفارز أن هذا التحول لم يأتِ مصادفة، بل نتيجة تغيرات مناخية واقتصادية وسلوكية، مشيرًا إلى أن الكانيبورا أكثر مقاومة للحرارة والآفات وتنتج محصولًا أعلى، مما يجعلها خيارًا مفضلًا للمزارعين في مناطق مثل جنوب شرق آسيا وغرب إفريقيا. وقد بدأت أوروبا بدورها في تكييف استيرادها لمجاراة هذا التوافر.

ويضيف أن طرق المعالجة الحديثة، مثل التخمير اللاهوائي والغسل بسكر القصب، ساهمت في تحسين المذاق وإبراز نكهات جديدة في الكانيبورا، بما في ذلك الشوكولاتة الداكنة والتوابل وحتى الفواكه الحمراء، خصوصًا في الأصناف المزروعة على ارتفاعات عالية أو الهجينة.

أما في شمال أوروبا، فقد بدأت أسواق مثل ألمانيا والدول الإسكندنافية في إدماج الكانيبورا عالي الجودة ضمن الخلطات، بل وتقديمه كقهوة أحادية المصدر، وهو تطور جديد لم يكن مألوفًا سابقًا في هذه الأسواق.

ويُرجع شفارز ذلك أيضًا إلى تغيّر الذائقة لدى المستهلكين، وخاصة الجيل الجديد الذي نشأ على مشروبات باردة غنية بالكافيين وقوام ثقيل، ما يجعله أكثر تقبّلًا لحبوب الكانيبورا مقارنة بالأرابيكا ذات الحموضة العالية.

ويختم شفارز بتساؤلات مهمة: هل يمكن تقييم الكانيبورا بمعايير مستقلة عن الأرابيكا؟ وهل سيتجاوب السوق الأوروبي مع تطور جودة الكانيبورا ويدفع أسعارًا عادلة مقابلها؟ أم ستظل محصورة في خانة الإنتاج الكمي دون الاعتراف بقيمتها النوعية؟

ويؤكد أن مستقبل القهوة في أوروبا لن يُرسم فقط على طاولات التذوق، بل من خلال مراجعة شاملة للثقافة السائدة والمعايير العلمية والاقتصادية التي تحكم هذا القطاع.

Spread the love
Exit mobile version