تتوقع نيكاراغوا حصادًا قويًا من القهوة يصل إلى 2.58 مليون كيس خلال موسم 2025/2026، بدعم من الأسعار المرتفعة وتوزيع أفضل للأمطار، رغم استمرار تحديات التمويل واليد العاملة والتصدير.
تتجه نيكاراغوا نحو موسم قهوة واعد في عام 2025/2026، مع توقعات بإنتاج يبلغ 2.58 مليون كيس من البن الأخضر بوزن 60 كيلوغرامًا، وهو مستوى يوازي المتوسطات التاريخية. ويعزو المزارعون هذا التفاؤل إلى ارتفاع الأسعار العالمية التي تجاوزت 280 دولارًا للكيس مطلع عام 2025، ما دفعهم إلى زيادة الاستثمار في الأسمدة وصيانة المزارع، في وقت تُبشر فيه التوقعات بموسم أمطار متوازن نتيجة ظروف مناخية محايدة. ومع ذلك، لا تزال المشكلات البنيوية تؤثر على القطاع، وأبرزها صعوبة الحصول على التمويل طويل الأجل، والنقص الحاد في العمالة، ومشكلات التصدير بسبب الازدحام في الموانئ.
في الموسم السابق 2024/2025، شهد إنتاج القهوة تعافيًا ملحوظًا، حيث ارتفع إلى 2.56 مليون كيس بعد انخفاض بنسبة 10% في العام الذي سبقه نتيجة تأثيرات ظاهرة النينيو. وقد ساعدت الأمطار المنتظمة في النصف الثاني من عام 2024 على تحسين الإنتاج، إلا أن استمرار هطول الأمطار حتى ديسمبر ويناير خلال موسم الحصاد تسبب في تأخير عمليات التجفيف. ومع تزامن نضج الحبوب على ارتفاعات مختلفة، تفاقمت أزمة العمالة وارتفعت أجور القاطفين إلى ضعف المعدلات المعتادة، مما أدى إلى زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج، وتراجع في جودة بعض الحبوب.
وجاءت هذه التحديات في وقت حساس، إذ أعلنت إحدى أكبر شركات تصدير القهوة في البلاد إفلاسها قبيل موسم الحصاد، مما أربك سلاسل التوريد وخفض ثقة السوق. كما أدت القفزة الحادة في الأسعار أواخر عام 2024 إلى أزمات سيولة لدى المشترين وتأخر الشحنات بسبب الازدحام في الموانئ الإقليمية والبنية التحتية المحدودة.
رغم هذه الصعوبات، لا يزال منتجو القهوة في نيكاراغوا متفائلين بالمستقبل. فالقهوة النيكاراغوية تحظى بطلب عالمي مرتفع، وتُعرف بنكهتها المتوازنة وجودتها الثابتة. وتتمتع العديد من التعاونيات والمصدرين بشهادات جودة معتمدة مثل “تحالف الغابات المطيرة” و”التجارة العادلة”، مما يسمح لهم بالحصول على أسعار تفوق متوسطات السوق. هذا الحافز عزز من استعداد المزارعين لاستثمار المزيد في عمليات الصيانة الزراعية.
تُقدّر المساحة المزروعة بالقهوة في موسم 2025/2026 بنحو 143 ألف هكتار، منها 141 ألف هكتار قابلة للحصاد، لكن نقص العمالة الناتج عن الهجرة الجماعية خلال السنوات الخمس الماضية لا يزال يُعيق التوسع في الزراعة أو تجديد المزارع. ومنذ تفشي مرض صدأ القهوة عام 2013، أعاد المزارعون زراعة حوالي 20 ألف هكتار، أي ما يعادل 14% من إجمالي المساحة المزروعة بأرابيكا، وهو رقم يبقى دون المستوى المثالي. ويُوصى عادةً بتجديد 5% من المساحات المزروعة سنويًا لضمان إنتاجية مستدامة، لكن معظم المزارع لا تقوم بذلك إلا عند تلف الأشجار أو إصابتها بالأمراض.
تُشكّل أرابيكا أكثر من 95% من إنتاج نيكاراغوا من القهوة، وتُعد “كاتورا” أكثر الأصناف شيوعًا، تليها “بوربون”، “باكا”، “كاتواي”، “كاتيمور”، “ماراغوغيب”، و”باكامارا”. أما روبوستا، فلا تزال حصته محدودة، حيث يقدر الإنتاج بنحو 160 ألف كيس سنويًا، وتُزرع في نحو 7 آلاف هكتار في مناطق منخفضة الارتفاع جنوب شرق البلاد. وقد تراجع هذا النوع من الإنتاج بعد إغلاق شركة “ميركون”، التي كانت الداعم الأكبر لروبوستا في نيكاراغوا.
ويُتوقع أن يبلغ متوسط الغلة في مزارع الأرابيكا خلال الموسم الجديد 18 كيسًا للهكتار، وهو ما يساوي متوسط الإنتاج في الموسم السابق. ويُعزى ذلك إلى التوزيع الجيد للأمطار واستمرار الصيانة الجيدة للمزارع. وقد ساهمت مشاريع دولية مثل “موكا”، الممولة من وزارة الزراعة الأمريكية بالتعاون مع منظمة “أبحاث القهوة العالمية”، في تحسين جودة البذور واعتماد مشاتل جديدة، مما أتاح للمزارعين الوصول إلى أصناف أعلى إنتاجًا مثل “مارسيليسا”، و”باراينيما”، و”IH كافيه 90”. ومع ذلك، تظل قلة التمويل تحديًا رئيسيًا يمنع تبني هذه التطورات على نطاق واسع.
أما على صعيد السوق المحلي، فمن المتوقع أن يبقى استهلاك الفرد من القهوة عند 1.5 كيلوغرام سنويًا خلال موسم 2025/2026. ومع ذلك، تُظهر المدن الكبرى في نيكاراغوا نموًا في ثقافة المقاهي، إذ يقبل الشباب بشكل خاص على القهوة المحمصة الطازجة والمشروبات المتخصصة، مثل الإسبريسو والقهوة الباردة. ورغم هذا الاتجاه، إلا أن الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية واستمرار الهجرة يحدّ من أي نمو كبير في الاستهلاك الكلي.
تُقدّر صادرات نيكاراغوا من القهوة في الموسم المقبل بـ 2.42 مليون كيس، أي بزيادة طفيفة بعد انخفاض بنسبة 15% في موسم 2023/2024. وتبقى الولايات المتحدة الوجهة الأولى للصادرات، حيث تستورد نصف الإنتاج تقريبًا، تليها دول الاتحاد الأوروبي التي تستحوذ على حوالي 30%، خاصة الأنواع العضوية والمُعتمدة التي تحظى بشعبية واسعة بين المستهلكين الأوروبيين. ومع تصاعد التحديات المناخية في بلدان منتجة كبرى مثل البرازيل وفيتنام، يُتوقع استمرار ارتفاع الأسعار، مما يضع ضغوطًا إضافية على الشركات، وقد ينعكس على الأسعار النهائية للمستهلكين.
يبقى قطاع القهوة في نيكاراغوا، الذي يوفر أكثر من 330 ألف فرصة عمل على امتداد سلسلة القيمة، من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني. ومع أن التوقعات لهذا الموسم مشجعة، إلا أن ضمان استدامة النمو سيتطلب معالجة جذرية لمشكلات التمويل والبنية التحتية، وتوفير حلول حقيقية لأزمة العمالة الريفية.