في قلب تايبيه، تجذب تجربة قهوة فريدة عشاق المشروب، حيث لا يتردد البعض في دفع 635 دولارًا مقابل كوب واحد. يقدم مقهى “سيمبل كافا”، الذي أسسه بيرغ وو، أول بطل عالمي لتحضير القهوة من تايوان (2016)، تجربة تذوق استثنائية حظيت باهتمام عالمي واسع.
يقع المقهى الرئيسي لـ “سيمبل كافا” في منطقة هواشان، حيث يعمل بنظام الحجز المسبق، مع إمكانية استقبال الزبائن بدون حجز عند توفر أماكن شاغرة. يتميز المقهى بأجواء راقية تُحاكي جلسات تذوق النبيذ، حيث يُمنح الضيوف فترة مخصصة تمتد 90 دقيقة لاكتشاف أصناف القهوة النادرة، مع إمكانية تذوق حلويات بنكهات الباندان والبسكويت.
من بين الخيارات المميزة في القائمة، يبرز “بيست أوف بنما” من مزرعة “إليدا إستيت” بسعر 20,700 دولار تايواني (635 دولارًا أمريكيًا). ويعود هذا السعر المرتفع إلى مصدره الفريد، حيث تم بيع دفعة متميزة منه في مزاد “بيست أوف بنما” المرموق في أغسطس 2024 مقابل 10,013 دولارًا لكل كيلوغرام.
يتجاوز سعر هذا الكوب تكلفة حبوب القهوة وحدها. يؤكد ويلفورد لاماستوس جونيور، مالك “لاماستوس فاميلي إستيتس”، أن تكلفة الحبوب المستخدمة في تحضير كوب واحد تبلغ 250 دولارًا لكل 20 غرامًا، قبل إضافة تكاليف التحميص، والإعداد، والخدمة، والتشغيل. أما في أسواق أخرى مثل كوريا والصين، فقد تراوحت أسعار هذه القهوة بين 350 و900 دولار، اعتمادًا على شهرة المحضر وجودة الإعداد.
بالنسبة إلى بيرغ وو، القهوة ليست مجرد مشروب، بل فن معقد يُشبه صناعة النبيذ الفاخر. يدير “سيمبل كافا” عدة فروع، لكن الأكثر تميزًا بينها هو “ذا كوفي ون”، وهو بار تذوق متخصص يتيح لمحبي القهوة فرصة تذوق أصناف نادرة يتم الحصول عليها من المزادات المرموقة مثل “بيست أوف بنما” و”كأس التميز”.
تعتمد عملية تحضير هذه القهوة الفاخرة على دقة استثنائية، حيث يقوم وو بتحميص الحبوب على دفعات صغيرة لا تتجاوز 100 غرام باستخدام محمصة “روست” المخصصة للعينات، لضمان أقصى درجات النضارة. بعد التحميص، تُترك القهوة لتستريح لفترة قصيرة قبل أن يتم حفظها في أكياس محكمة الإغلاق بسعة 12 غرامًا، مملوءة بالنيتروجين للحفاظ على نكهاتها الغنية.
يجذب هذا النوع من القهوة فئتين رئيسيتين: عشاق القهوة الفاخرة الذين لا يشربون إلا أفضل الأصناف، وأولئك الذين يرغبون في تجربة كوب مميز لمرة واحدة. وفقًا لوو، كان الطلب مرتفعًا في البداية، حيث بيع ما بين كوبين إلى أربعة أكواب أسبوعيًا، لكنه انخفض لاحقًا إلى كوب واحد أسبوعيًا.
رغم الجدل الدائر حول أسعار القهوة النادرة، يرى وو أن الأمر بسيط: طالما هناك طلب، فالسوق سيستمر في الازدهار. في عالم القهوة المختصة، تبقى الجودة والتفرد المحددان الأساسيان للأسعار، وهي عوامل لا يزال البعض مستعدًا لدفع مبالغ طائلة للحصول عليها.