منظمة القهوة الدولية تكشف التحديات التي تواجه قطاع القهوة العالمي
في أحدث تقاريرها، أعلنت منظمة القهوة الدولية عن رؤى وتفاصيل هامة حول قطاع القهوة، الذي يعد أحد أركان الحياة اليومية لمليارات من الأشخاص حول العالم. يكشف “تقرير تطوير القهوة” (CDR) لعام 2022-2023 عن تحديات عالمية متزايدة تواجه القطاع، من تقلبات الأسعار الحادة، وانخفاض الإنتاج والصادرات، إلى الحاجة المتزايدة لتبني ممارسات الاقتصاد الدائري كسبيل لدعم استدامة الموارد وتطوير فرص اقتصادية جديدة.
تقلبات الأسعار
خلال موسم 2022-23، انطلق مؤشر أسعار القهوة المركب لمنظمة القهوة الدولية (I-CIP) عند 190.18 سنتًا للرطل، ووصل إلى ذروته عند 194.92 سنتًا في أكتوبر 2022، إلا أن الأسعار تراجعت لاحقاً وبشكل حاد إلى 145.54 سنتًا في يناير 2023، مما أظهر تذبذباً لافتاً بمتوسط تذبذب وصل إلى 8.8%. بالمقارنة، سجلت العقود الآجلة في نيويورك تذبذباً أعلى بنسبة 11.3%، معبرةً عن حالة التأرجح الشديد التي هيمنت على الأسواق العالمية للقهوة.
تباين أسعار أنواع القهوة الرئيسية
شهدت أسعار أنواع القهوة تفاوتاً ملحوظاً؛ حيث سجلت قهوة الروبوستا، ذات الشعبية الواسعة في الخلطات، ارتفاعاً بنسبة 5.1%، من 106.89 إلى 112.39 سنتاً للرطل. وفي المقابل، شهدت القهوة الكولومبية انخفاضاً دراماتيكياً بنسبة 25.2%، من 289.38 إلى 216.50 سنتاً للرطل. يعكس هذا التفاوت تحديات كبيرة يواجهها المزارعون، لا سيما منتجو قهوة الأرابيكا الذين يعانون من آثار تغير المناخ وارتفاع تكاليف الإنتاج.
انخفاض الصادرات
سجلت الصادرات العالمية من القهوة تراجعاً ملحوظاً بنسبة 5.7%، ليصل إجمالي الصادرات إلى 122.9 مليون كيس بوزن 60 كجم. شكلت حبوب القهوة الخضراء النصيب الأكبر بنسبة 90.1%، بما يعادل 110.7 مليون كيس. وانخفضت حصة الأرابيكا بين صادرات الحبوب الخضراء من 63.6% إلى 60.4%، مما يشير إلى تحول السوق نحو الروبوستا الأرخص تكلفةً، نظراً للضغوط الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة التي دفعت المستهلكين لتقليل الإنفاق على القهوة الفاخرة.
الإنتاج العالمي
بلغ الإنتاج العالمي من القهوة خلال العام 2022-23 نحو 165.5 مليون كيس، بانخفاض طفيف قدره 0.04% مقارنة بالسنة السابقة. تفاوتت معدلات الإنتاج بين مناطق العالم، إذ سجلت آسيا وأوقيانوسيا انخفاضاً بنسبة 3%، لا سيما في فيتنام نتيجة الظروف المناخية الصعبة. في المقابل، حققت أمريكا الجنوبية زيادة طفيفة في الإنتاج بنسبة 1.2% بفضل الدورة الزراعية للبرازيل. وعلى مستوى الأنواع، تراجع إنتاج الأرابيكا بنسبة كبيرة بلغت 10.4% ليصل إلى 74.6 مليون كيس، مما يبرز ضعف هذه النوعية أمام تحديات المناخ والآفات. في المقابل، ارتفع إنتاج الروبوستا بنسبة 2.7% ليصل إلى 43.8 مليون كيس، مما يعكس تزايد الاعتماد على هذا النوع الأكثر صلابة وقدرة على تحمل الظروف المتغيرة.
تراجع الاستهلاك
أفاد التقرير بأن الاستهلاك العالمي للقهوة انخفض بنسبة 1.9% ليصل إلى 173.0 مليون كيس، مما يعكس تأثير الارتفاع في الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين. لوحظ هذا التراجع بشكل أكبر في الدول غير المنتجة للقهوة، حيث انخفض الاستهلاك بنسبة 4.0% ليصل إلى 117.5 مليون كيس. وبينما شهدت روسيا ارتفاعاً في الاستهلاك بنسبة 7.1%، تراجعت كندا بشكل ملحوظ بنسبة 9.5%. يعكس هذا التباين في الاستهلاك تأثيرات اقتصادية عالمية قوية على الإنفاق على القهوة في بعض الدول.
الاقتصاد الدائري كفرصة لاستدامة القطاع
يسلط التقرير الضوء على الأهمية المتزايدة لتبني الاقتصاد الدائري في قطاع القهوة، الذي ينتج سنوياً حوالي 40.68 مليون طن من الكتلة الحيوية، تشمل منتجات ثانوية مثل قشور القهوة والنفايات الناتجة عن عمليات الإنتاج. يشير التقرير إلى أن الأساليب الطبيعية لإنتاج القهوة تنتج حوالي 14.68 مليون طن من قشور القهوة، فيما تنتج الطرق المغسولة حوالي 6.92 مليون طن. ويؤكد التقرير على إمكانية تحويل هذه المخلفات إلى موارد اقتصادية ثمينة تدعم استدامة القطاع، من خلال إنتاج منتجات مثل المخصبات العضوية والوقود الحيوي ومواد التجميل. مثلاً، يمكن استخدام قشور القهوة كملش عضوي أو لإنتاج الفحم النباتي أو السماد الطبيعي، مما يساهم في دعم الممارسات الزراعية المستدامة وتعزيز القيمة الاقتصادية للقطاع.
نحو الاستدامة الكاملة
يقدم تقرير منظمة القهوة الدولية لعام 2022-23 نظرة شاملة على قطاع القهوة في ظل التحديات الحالية، من تقلبات الأسعار إلى التغيرات المناخية وضغوط الأسواق. ومع تزايد الاهتمام بالاقتصاد الدائري، تبدو الفرصة متاحة أمام القطاع لتعزيز استدامته وبناء بيئة إنتاجية أكثر كفاءة ومرونة. يؤكد التقرير على أهمية التعاون بين كافة الأطراف المعنية لتحقيق مستقبل مستدام للقهوة، عبر الابتكار والتكامل بين الإنتاج وإعادة التدوير وإدارة المخلفات. تظل القهوة جزءاً لا يتجزأ من حياة الملايين حول العالم، ويمثل القطاع تحدياً مستمراً يدعو إلى تبني ممارسات تحافظ على البيئة، تدعم المزارعين، وتسهم في خلق توازن اقتصادي يخدم الجميع ويعزز مواجهة التحديات المقبلة.