Site icon عالم القهوة

استراتيجية تيم كوفر: لماذا تبني كيورج د. بيبر عملاقاً للقهوة؟

استراتيجية تيم كوفر: لماذا تبني كيورج د. بيبر عملاقاً للقهوة؟

نيويورك – 27 أغسطس 2025 (قهوة ورلد) – لم يكن إعلان كيورج د. بيبر عن استحواذها على شركة “بيتس” الأوروبية بقيمة 18.4 مليار دولار مجرد صفقة كبرى في عالم المشروبات، بل خطوة مدروسة يقودها الرئيس التنفيذي تيم كوفر لإعادة رسم مستقبل الشركة. الهدف: بناء عملاق عالمي للقهوة، ثم فصله كشركة مستقلة، في وقت تواصل فيه كيورج د. بيبر تعزيز موقعها في سوق المشروبات الغازية.

الفكرة تعود إلى عام 2018 عندما اندمجت “كيورج جرين ماونتن”، المعروفة بكبسولات كي-كاب، مع “د. بيبر سنابل” في صفقة قاربت 19 مليار دولار. حينها كان الرهان أن جمع “الساخن والبارد” تحت سقف واحد سيمنح الشركة هيمنة على كامل سوق المشروبات غير الكحولية. وخلال جائحة كورونا، بدت الفكرة ناجحة، إذ استخدمت كيورج د. بيبر بيانات أجهزة التحضير المنزلية للتنبؤ بالطلب المتزايد على الكبسولات، وفي الوقت نفسه خزّنت منتجاتها الغازية مثل “د. بيبر” و”كانادا دراي”، ما جعلها تتفوق على منافسيها عندما اندفع المستهلكون للتخزين.

لكن مع مرور السنوات، تبيّن أن النموذج أقل فعالية مما كان متوقعاً. ففي الربع الثاني من عام 2025، قفزت إيرادات المشروبات الغازية بنسبة 10.7%، بينما تراجعت مبيعات القهوة في الولايات المتحدة بنسبة 1.9% وانخفضت المبيعات الدولية للمشروبات الساخنة بنسبة 3.8%. السبب كان ارتفاع أسعار البن عالمياً، ما رفع أسعار كبسولات كي-كاب ودفع المستهلكين إلى بدائل أرخص مثل القهوة المطحونة أو الفورية. النتيجة: قطاع المشروبات الغازية يزدهر، بينما القهوة تتحول إلى عبء على الإدارة.

قرار كوفر كان واضحاً: فصل النشاطين لإنهاء التشتت. استحواذ “بيتس”، التي تضم علامات قوية مثل “جاكوبس” و”لور” وسلسلة مقاهي بيتس في الولايات المتحدة، سيمكن كيورج من دمجها مع نشاط القهوة لتأسيس كيان جديد بإيرادات تقارب 16 مليار دولار موزعة بالتساوي تقريباً بين أوروبا وأميركا الشمالية. ثم يُفصل هذا الكيان كشركة مستقلة للمساهمين، بينما تركز كيورج د. بيبر على محفظتها الكبيرة التي تضم أكثر من 150 علامة في المشروبات الغازية والمرطبات، مثل “7 أب”، “شويبس”، و”سنابل”.

كوفر يؤكد أن القهوة ليست قطاعاً خاسراً، بل سوقاً عالمية بقيمة 400 مليار دولار سنوياً. لكنه يرى أن إدارتها ضمن كيان واحد مع المشروبات الغازية جعلها تفقد التركيز والفرص. “التحرر” عبر الفصل سيمنحها قدرة أكبر على التوسع والمنافسة عالمياً، في حين سيسمح التخصص الجديد للشركة الأم بمنافسة كوكاكولا وبيبسي بتركيز أكبر، خصوصاً في المطاعم، ومشروبات الطاقة، والمجالات المبتكرة مثل “الصودا القذرة” التي أطلقتها الشركة مؤخراً استجابة لصيحات شبابية على وسائل التواصل.

خطوة كوفر ليست معزولة عن تاريخه المهني. فقد برز في “كرافت” و”مونديليز” بقدرته على إدارة صفقات ضخمة، أبرزها دمج “كرافت” و”كادبوري”، والتوسع في آسيا عبر شراء أكبر شركة وجبات خفيفة في فيتنام. واليوم يوظف خبرته ذاتها في كيورج د. بيبر: دمج وفصل في التوقيت المناسب، ورهان على أن التخصص أقوى من التنويع الذي لم يحقق النتائج المتوقعة.

لكن الأسواق لم تُبدِ حماسة كبيرة فوراً. فقد انخفض سهم كيورج د. بيبر بنسبة 11% يوم الإعلان عن الصفقة، ما محا مليارات من قيمتها السوقية. ويُرجع المحللون ذلك إلى ضخامة سعر الصفقة وغياب الثقة في الجمع السابق بين القهوة والمشروبات الغازية. غير أن كثيرين يعتقدون أن التخصص سيسمح لكل نشاط بالنمو بشكل أفضل. فالمشروبات الغازية تستفيد من شبكة توزيع مباشر تتيح الوصول إلى آلاف المتاجر والمطاعم، بينما القهوة، خصوصاً الكبسولات، تعتمد أساساً على المتاجر الكبرى.

إذا صدقت رؤية كوفر، فإن هذه الخطوة لن تُسجل كصفقة ضخمة فقط، بل كواحدة من أهم التحولات الاستراتيجية في تاريخ صناعة المشروبات: ولادة عملاق قهوة مستقل قادر على المنافسة عالمياً، وإمبراطورية مشروبات غازية أكثر تركيزاً ومرونة في مواجهة عمالقة السوق.

Spread the love
Exit mobile version