تهديدات ترامب التجارية قد ترفع سعر فنجان القهوة في أستراليا إلى 8 دولارات
أثارت التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات البرازيل، اضطراباً كبيراً في أسواق القهوة العالمية، التي تعاني أساساً من أسعار مرتفعة تاريخياً. وبالنسبة لعشاق القهوة في أستراليا، قد تكون التداعيات مؤلمة، إذ يحذر الخبراء من أن متوسط سعر فنجان القهوة قد يصل إلى 8 دولارات أسترالية مع نهاية العام.
ووفقاً لتقرير صادر عن شركة تصنيع ماكينات القهوة “لا مارزوكو”، فإن متوسط سعر فنجان القهوة في أستراليا ارتفع من نحو 4 دولارات قبل الجائحة إلى 5.50 دولارات هذا العام. ويؤكد المدير العام للشركة في أستراليا، باري مور، أن تهديدات ترامب التجارية، إلى جانب الكوارث المناخية التي أثرت على الإنتاج، قد تدفع الأسعار إلى مستويات أعلى.
وقال مور في تصريح لصحيفة The Australian Financial Review: “إذا مضى ترامب في تطبيق الرسوم الجمركية على البرازيل وربما فيتنام، فإن التأثير لن يقتصر على السوق الأميركي فقط، بل سيطال السوق العالمي. معظم منتجي القهوة من صغار المزارعين، وإذا خرجوا من السوق، فستتأثر سلاسل الإمداد بشكل خطير”.
وقد ارتفعت العقود الآجلة للقهوة بشكل حاد يوم الخميس الماضي، فور إعلان ترامب عزمه تطبيق الرسوم اعتباراً من الأول من أغسطس. ويعتقد المحللون أن هذه الخطوة، رغم أنها ذات دوافع سياسية مرتبطة بالرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، إلا أنها ستؤثر على العرض العالمي، خصوصاً في أستراليا التي تعتمد على مصادر متنوعة لاستيراد القهوة.
الظروف المناخية القاسية في البرازيل، التي تعد من أكبر منتجي القهوة في العالم، ساهمت بالفعل في ارتفاع الأسعار العالمية، كما أن الطلب المتزايد من الصين جعل من القهوة ثاني أكثر السلع تداولاً في العالم بعد النفط.
وقد تجاوز سعر قهوة أرابيكا – النوع الأكثر شيوعاً عالمياً – حاجز 4 دولارات أميركية للرطل في فبراير الماضي، قبل أن يتراجع إلى ما دون 3 دولارات، لكنه لا يزال أعلى بكثير من المعدل التاريخي البالغ 1.50 دولار قبل الجائحة.
من جهته، حذّر بنك الكومنولث من أن الدولار الأسترالي، الذي تراجع إلى ما دون 65.8 سنتاً أميركياً يوم الجمعة، قد يواصل الهبوط إذا مضى ترامب قدماً في فرض رسوم على شركاء تجاريين رئيسيين.
ويرى البروفيسور فينه تاي، أستاذ إدارة سلاسل الإمداد واللوجستيات في جامعة RMIT، أن تعقيدات السوق العالمية تجعل من ارتفاع الأسعار أمراً شبه مؤكد في أستراليا. وقال:
“حتى لو لم تؤثر الرسوم على أستراليا مباشرة، فإن الموردين سيحاولون تعويض خسائرهم في السوق الأميركي من خلال رفع الأسعار في أسواق أخرى”.
وأضاف أن بعض المزارعين قد يتحولون إلى محاصيل بديلة مثل فاكهة الدوريان إذا تراجعت أرباحهم من القهوة، مما سيؤدي إلى تقلص المعروض عالمياً.
أما فلور ستاد، مؤسسة شركة “ملبورن كوفي ميرتشنتس”، وهي من أكبر مستوردي البن في أستراليا، فتوقعت أن ترفع المقاهي الأسعار بمعدل يتراوح بين 50 سنتاً ودولار واحد خلال هذا العام، وقالت:
“بنهاية العام، لن يكون من المستغرب رؤية أسعار تتراوح بين 7 و7.50 دولارات للفنجان، وربما تصل إلى 8 دولارات في بعض الأماكن”.
ورغم أن تكلفة حبوب القهوة تمثل أقل من 15% من إجمالي تكلفة الفنجان، إلا أن المدير التنفيذي لرابطة المطاعم والمقاهي الأسترالية، ويس لامبرت، أشار إلى أن التكاليف التشغيلية الأخرى مثل الأجور والإيجارات وفواتير الخدمات ارتفعت بشكل كبير. كما أن استخدام بدائل الحليب مثل الشوفان واللوز والصويا يضيف عبئاً مالياً إضافياً على المقاهي بسبب أسعارها المرتفعة.
وأشار لامبرت إلى أن قرارات لجنة العمل العادل الأسترالية خلال السنوات الأربع الماضية رفعت الأجور بنحو 20%، في وقتٍ تمنع فيه أزمة تكلفة المعيشة كثيراً من المقاهي من رفع الأسعار خشية فقدان الزبائن.
وقال: “إذا استمرت التكاليف في الارتفاع دون أن يتمكن أصحاب المقاهي من رفع الأسعار، فإننا سنشهد المزيد من الإغلاقات”.
وتُظهر بيانات بنك الكومنولث أن الأستراليين بدأوا بالفعل في تقليص إنفاقهم على القهوة، إذ انخفض الدخل المتاح للأسر بنسبة 8% منذ منتصف عام 2022، كما انخفض الإنفاق في المقاهي والمطاعم.
وفي المقابل، ارتفعت مبيعات ماكينات الإسبريسو المنزلية بنسبة 40% العام الماضي، وفقاً لـ”لا مارزوكو”، مع توجه المزيد من الناس لتحضير القهوة في المنزل.
ومع ذلك، لا يعتقد البروفيسور تاي أن ثقافة القهوة ستتلاشى من أستراليا.
وقال: “أستراليا من بين أكبر 15 دولة في استهلاك القهوة عالمياً، وهذا جزء من الثقافة الوطنية. ربما نشهد انخفاضاً طفيفاً في عدد مرات تناول القهوة، لكن من غير المرجح أن يحدث تغيير جذري بين ليلة وضحاها”.