أوغندا.. إنتاج القهوة وصادراتها وأسعارها تسجّل أرقامًا قياسية
يشهد قطاع القهوة الأوغندي ازدهارًا غير مسبوق، مدفوعًا بزيادة الإنتاج، وارتفاع الصادرات، وقفزات متتالية في الأسعار العالمية. وبينما تواصل أوغندا ترسيخ مكانتها كواحدة من أبرز منتجي البن في أفريقيا، تسعى الحكومة والقطاع الخاص إلى مضاعفة العوائد من هذا المحصول الاستراتيجي، مستفيدين من الزخم المحلي والدولي المتصاعد.
ووفقًا للتقرير السنوي الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، من المتوقع أن يصل إنتاج القهوة في أوغندا خلال موسم 2025/2026 إلى 6,875,000 كيس زنة 60 كيلوغرامًا، بزيادة قدرها 2.61% مقارنة بالموسم السابق. ويُتوقع أن تواصل قهوة روبوستا هيمنتها بنسبة 85% من الإنتاج، فيما تُشكّل قهوة أرابيكا النسبة المتبقية.
وقد بلغ الإنتاج في موسم 2024/2025 ما مجموعه 6,700,000 كيس، أي بزيادة 4.69% عن العام الماضي، ويُعزى هذا النمو إلى تطبيق ممارسات زراعية محسّنة، وتوافر الظروف المناخية المواتية، ونضوج الشتلات عالية الإنتاج التي زُرعت في السنوات الأخيرة.
وتنتشر مزارع القهوة في عدة مناطق ضمن الإقليم الأوسط والشرقي والغربي، بالإضافة إلى الشمال الذي بدأ يبرز حديثًا كمركز جديد لزراعة أرابيكا المرتفعات، خاصة في منطقة زومبو. وتُعدّ مناطق موكونو، لويرو، جبل إلغون، مبالي، كاسيسي، وبونديبوغيو من أبرز مواقع الإنتاج.
وتدعم الحكومة هذا التوسع الزراعي من خلال “نموذج تنمية الأبرشيات”، الذي يوفّر للمزارعين قروضًا ميسّرة بفائدة 6% وفترة سماح تمتد لعامين. وقد مكّن هذا البرنامج آلاف المزارعين من شراء الأسمدة، ومضخات الرش، وتحسين الإنتاجية. كما شهد عام 2024 زيادة في التمويل الحكومي للقطاع، ما أتاح للخبراء الزراعيين تقديم دعم ميداني واسع النطاق في جميع أنحاء البلاد.
ويمثل صغار المزارعين العمود الفقري للإنتاج، إذ يمتلكون نحو 90% من إجمالي مزارع القهوة، وتترواح مساحة كل مزرعة ما بين نصف واثنين ونصف هكتار. ويعتمد المزارعون على الزراعة المختلطة، حيث يُزرعون البن بجوار الموز والفاصولياء وأشجار الظل للمحافظة على خصوبة التربة ورطوبتها وتنويع مصادر الدخل. كما تسهم المزارع المتوسطة بنسبة تتراوح بين 8% و10% من الإنتاج، فيما تُركّز المزارع الكبيرة، والتي تمثل ما بين 2% و5%، على القهوة المخصصة للتصدير.
وعلى صعيد التجارة، من المتوقع أن ترتفع صادرات أوغندا من القهوة الخضراء من 6,350,000 كيس في موسم 2024/2025 إلى 6,530,000 كيس في الموسم التالي، مدعومة بزيادة الإنتاج وتنامي الطلب في الأسواق الأوروبية والأمريكية والآسيوية.
ولا تزال أوروبا تحتل المرتبة الأولى في قائمة مستوردي القهوة الأوغندية، إذ استحوذت على 72% من الصادرات في عام 2024، تلتها الولايات المتحدة بنسبة 7%، ثم المغرب بنسبة 6%، مع نمو ملحوظ في الطلب من الصين والهند واليابان.
وشهد عام 2024 انتعاشًا في الصادرات نحو الولايات المتحدة، حيث بلغت الكمية المصدّرة 19,142 طنًا، بعد تراجعها في السنوات السابقة، بينما تضاعفت الكمية المصدّرة إلى الصين لتصل إلى 6,900 طن، ما يشير إلى تحول تدريجي نحو تنويع الأسواق.
وفي خطوة رائدة، تستعد شركة “إنسباير أفريقيا” لتشغيل أول مدينة صناعية متخصصة في القهوة في منطقة نتونغامو، بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 10,000 طن متري. وستقوم المنشأة بإنتاج قهوة سريعة التحضير، وقهوة بالتنقيط، وقهوة الشعير، ومنتجات تجميلية تعتمد على البن. ومن المتوقع أن تبدأ العمليات في مايو 2025، بما يتماشى مع رؤية أوغندا لرفع عائدات تصدير القهوة من مليار دولار إلى 4 مليارات دولار سنويًا.
على المستوى المحلي، لا يزال استهلاك القهوة متواضعًا مقارنة بالصادرات، إلا أنه في نمو مستمر، حيث يُتوقع أن يرتفع من 325,000 كيس في موسم 2024/2025 إلى 330,000 كيس في الموسم التالي، مدفوعًا بزيادة دخول السكان وتوسع ثقافة المقاهي في المدن الكبرى مثل كمبالا.
وشهدت أسعار القهوة المحلية ارتفاعًا حادًا خلال السنوات الأربع الماضية، إذ ارتفع متوسط السعر من 1.61 دولارًا للكيلوغرام في 2020/2021 إلى 4.64 دولارًا في 2024/2025، بزيادة قدرها 63%. ويُعزى ذلك إلى الطلب العالمي المرتفع وانخفاض المعروض العالمي بسبب الجفاف في البرازيل وفيتنام.
غير أن هذا التقدّم لم يخلُ من التحديات، إذ أعلنت الحكومة في نوفمبر 2024 عن حل هيئة تنمية القهوة الأوغندية ودمج مهامها ضمن وزارة الزراعة. وأثار هذا القرار مخاوف واسعة بين المزارعين والمصدّرين بشأن إمكانية تراجع جودة الدعم الفني والخدمات التي كانت توفرها الهيئة، وهو ما قد يؤثر سلبًا على جودة القهوة وتنافسيتها عالميًا.
أما فيما يتعلق بالمخزونات، فقد قُدّرت بنهاية موسم 2024/2025 بنحو 269,000 كيس فقط، وهو مستوى منخفض يعكس سعي المصدرين للاستفادة من الأسعار المرتفعة وبيع أكبر كمية ممكنة.
مع استمرار هذا الزخم، والدعم المؤسسي المتنامي، والتوجه نحو القيمة المضافة، تُحضّر أوغندا مستقبلها فنجانًا بفنجان، وهي على الطريق لتعزيز مكانتها كمركز محوري في صناعة القهوة العالمية.