صناعة القهوة في يونان.. عصر جديد من الإنتاج عالي الجودة
يشهد سوق القهوة في الصين نموًا متسارعًا، وتتصدر مقاطعة يونان قائمة المناطق المنتجة للقهوة في البلاد. بعد أن كانت المقاطعة تركز على تصدير حبوب البن الخام، أصبحت اليوم مركزًا لإنتاج القهوة المختصة عالية الجودة. وقد تحقق هذا التحول بفضل تحسين أساليب الزراعة، ودعم الحكومة، والتركيز على الجودة، مما ساعد على تعزيز مكانة القهوة الصينية في الأسواق العالمية.
تشتهر يونان بإنتاج قهوة الأرابيكا الفاخرة، حيث بدأ زراعتها في المنطقة أواخر القرن التاسع عشر، مستفيدة من موقعها داخل “حزام القهوة الذهبي”. يوفر المناخ المرتفع والتربة الخصبة ظروفًا مثالية لإنتاج قهوة عالية الجودة، مما جعل المقاطعة تهيمن على أكثر من 98% من إنتاج القهوة في الصين.
ووفقًا لبيانات إدارة الزراعة المحلية، بلغ إجمالي محصول القهوة في يونان عام 2023 حوالي 146 ألف طن. وعلى الرغم من ذلك، كانت حبوب القهوة تُباع لسنوات طويلة كمواد خام منخفضة التكلفة للأسواق الخارجية. اليوم، تتجه العديد من الشركات المحلية إلى إنتاج القهوة المختصة ومعالجتها محليًا لتعزيز سمعتها عالميًا.
في السابق، كانت أسعار كرز القهوة غير المعالج في يونان لا تتجاوز 3-4 يوانات للكيلوغرام، وحتى في أفضل الأحوال لم تكن تتخطى 30 يوانًا. ولكن مع تطور الصناعة، شهدت الأسعار ارتفاعًا كبيرًا.
يقول أحد منتجي القهوة في يونان: “هذا العام نبيع كرز القهوة بسعر 400 يوان للكيلوغرام. هذا النوع يُعرف باسم “جيشا”، وهو يحظى بتقدير عالمي بسبب جودته الفائقة.”
يعود هذا الارتفاع في الأسعار إلى تحسين جودة القهوة، واعتماد أساليب معالجة متطورة، وتحديث عمليات الإنتاج، مما جعل القهوة القادمة من يونان تحظى باهتمام متزايد في سوق القهوة المختصة.
بدأ منتجو القهوة في يونان في تجربة أساليب معالجة جديدة لتعزيز النكهات الفريدة للقهوة. على سبيل المثال، يتم استخدام تقنية التجفيف تحت أشعة الشمس، حيث يتم غسل كرز القهوة الطازج ثم نشره على صوانٍ خاصة ليجف لعدة أسابيع، مما يمنح الحبوب نكهات معقدة ومميزة.
إلى جانب الإنتاج، يعمل رواد صناعة القهوة في يونان على تعزيز السياحة القهوية، حيث يمكن للزوار الآن استكشاف المزارع، ومشاهدة عمليات معالجة القهوة، وتذوق الأنواع المحلية. لا يساعد هذا النموذج في زيادة المبيعات فحسب، بل يساهم أيضًا في الترويج لقهوة يونان عالميًا.
يقول أحد أصحاب المقاهي في مدينة باوشان: “نستقبل زوارًا من مختلف أنحاء العالم، وغالبًا ما يُعجبون بجودة قهوتنا الفريدة.”
تواصل الحكومة المحلية في يونان دعم توسع صناعة القهوة، حيث أطلقت مدينة باوشان مبادرة “100، 1000، 10,000″، والتي تهدف إلى إنشاء 100 شركة كبرى متخصصة في القهوة، ودعم 1000 مقهى، ومساعدة 10,000 مزارع يعملون في زراعة البن، مما يعزز سلسلة التوريد ويدعم استدامة الصناعة.
يقول تشاو بي يوان، نائب سكرتير الحزب في باوشان: “من خلال بناء سلسلة إمداد قوية، يمكننا تحقيق تنمية مستدامة لصناعة القهوة.”
لم يعد تركيز شركات يونان منصبًا فقط على تصدير الحبوب الخام، بل باتت تستثمر في منتجات ذات قيمة مضافة مثل القهوة المحمصة، والقهوة المقطرة، والقهوة سريعة التحضير.
على سبيل المثال، بدأت إحدى الشركات في عام 2000 كمصنع لمعالجة القهوة الخام، لكنها تطورت لاحقًا إلى مجمع صناعي متكامل يقدم مجموعة متنوعة من المنتجات. في عام 2023، بلغت عائداتها السنوية 85 مليون يوان، ما يعكس الطلب المتزايد على القهوة المختصة الصينية.
إلى جانب الإنتاج، توفر هذه الشركات برامج تدريبية لزوارها، حيث يمكنهم تعلم فن تحضير القهوة على يد خبراء، والتعرف على تاريخ معالجة القهوة في يونان، واكتشاف الأدوات التقليدية المستخدمة في تحميص وإعداد القهوة.
يقول أحد ممثلي الشركة: “في متحفنا، يمكن للزوار التعرف على الأساليب التقليدية التي استخدمها المزارعون في الماضي لمعالجة القهوة وتحضيرها.”
على الرغم من التطور السريع، لا تزال هناك تحديات تواجه صناعة القهوة في يونان، أبرزها حماية خصوبة التربة، واعتماد تقنيات زراعية حديثة، وتحقيق الاستدامة البيئية.
يقول هو فا غوانغ، الباحث في أكاديمية يونان للعلوم الزراعية: “إذا استطعنا تحقيق نسبة 30-40% من الزراعة البيئية المتكاملة، فسنتمكن من توسيع مساحات زراعة القهوة بشكل مستدام.”
بفضل التحول نحو الجودة العالية، واعتماد أساليب إنتاج مبتكرة، وتعزيز الاستدامة، تواصل يونان تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في سوق القهوة المختصة. وبحسب المنتجين المحليين، فإن ما تحقق حتى الآن ليس سوى البداية.