
النسبة الذهبية للقهوة.. سرّ التوازن في كل كوب
دبي – قهوة ورلد
تحضير القهوة ليس مسألة ذوق فحسب، بل علم دقيق يقوم على توازن عناصره الأساسية: الماء والبن والحرارة والزمن. ولعلّ أهم هذه الأسس ما يُعرف في عالم القهوة باسم «النسبة الذهبية»، وهي القاعدة التي يعتمدها المحترفون في المقاهي حول العالم لضمان قهوة متوازنة وثابتة النكهة في كل مرة.
ما المقصود بالنسبة الذهبية؟
توصي جمعية القهوة المختصة (SCA) بنسبة تتراوح بين 15 إلى 1 و20 إلى 1 بين الماء والبن المطحون. وتعني هذه النسبة ببساطة استخدام غرام واحد من القهوة مقابل 15 إلى 20 غرامًا من الماء، بحسب الذوق الشخصي وطريقة التحضير.
هذه النسبة ليست مجرد أرقام؛ إنها الأساس الذي يحدد ما إذا كان كوبك سيخرج متوازنًا ولذيذًا أو مراً وضعيفاً. فكلما زادت كمية الماء بالنسبة إلى البن أصبح الطعم أخف، والعكس صحيح. لذلك يفضّل من يشرب القهوة السوداء نسبة أعلى مثل 18 إلى 1، بينما يميل من يحب القهوة بالحليب أو السكر إلى 15 إلى 1.
الوزن لا الحجم
النسبة الذهبية تعتمد على الوزن وليس الحجم، لأن كثافة البن تختلف باختلاف درجة الطحن. فملعقة البن المطحون ناعمًا لا تساوي وزن الملعقة نفسها من البن الخشن. لذلك يُنصح دائمًا باستخدام ميزان رقمي لضبط المقادير بدقة.
العوامل التي تحدد جودة الاستخلاص
حتى مع الالتزام بالنسبة المثالية، هناك عناصر أخرى تؤثر بشكل كبير في النتيجة النهائية:
1. درجة الطحن
درجة الطحن تحدد سرعة وعمق الاستخلاص.
المكبس الفرنسي: يحتاج إلى طحن خشن يشبه ملح البحر.
الترشيح اليدوي: يُفضل له طحن متوسط أو أدق قليلًا.
ماكينات التقطير: تتطلب طحنًا متوسطًا متناسقًا.
الطحن الخاطئ يؤدي إلى استخلاص ناقص أو مفرط، ما يجعل القهوة حامضة أو مرة.
2. درجة حرارة الماء
توصي جمعية القهوة المختصة بأن تكون درجة حرارة الماء بين 195 و205 فهرنهايت (90 إلى 96 مئوية). الماء المغلي قد يحرق البن ويمنحه طعمًا لاذعًا، بينما الماء البارد لا يستخلص النكهات الكاملة من الحبوب.
3. التحريك أثناء التخمير
حركة البن أثناء التخمير تساعد على توزيع الماء بالتساوي وزيادة الاستخلاص. في طرق التحضير اليدوية مثل الترشيح أو المكبس الفرنسي، يمكن للتحريك أو طريقة السكب أن تُحدث فرقًا واضحًا في النكهة والتركيز.
4. نوع الفلتر
الفلتر هو الحاجز الأخير بين القهوة المطحونة والكوب.
الفلتر الورقي: يمنح قهوة نقية وخفيفة خالية من الزيوت والرواسب.
الفلتر المعدني: يسمح بمرور الزيوت الطبيعية مما يعطي القهوة قوامًا أثقل ونكهة أغنى.
الاختيار هنا مسألة ذوق شخصي، فلكل نوع تجربة مختلفة.
أفضل الممارسات لتحضير قهوة مثالية
استخدم ميزانًا رقميًا: أدق وسيلة لضبط النسبة الذهبية هي الوزن، وليس الملاعق أو التقدير العيني.
اختر بنًّا طازجًا: كلما كانت الحبوب أحدث تحميصًا، زادت حيوية النكهة ووضوح المذاق.
استثمر في مطحنة جيدة: المطحنة ذات الشفرات المسنّنة (البُر) تضمن طحنًا متجانسًا ينعكس مباشرة على جودة الكوب.
حافظ على الثبات: اختر طريقة تحضير يمكنك الالتزام بها يوميًا دون تعقيد، فالاتساق في الممارسة هو مفتاح النجاح.
جرّب وعدّل: بعد التثبيت على أساس واضح، يمكن تعديل النسبة أو درجة الطحن قليلًا حتى الوصول إلى النكهة المفضلة.
الخلاصة
النسبة الذهبية ليست سرًا مخفيًا في عالم القهوة، بل قاعدة علمية متعارف عليها منذ عقود. إنّ الالتزام بها، مع مراعاة جودة البن وحرارة الماء ونوع الفلتر، كفيل بتحويل أي تجربة منزلية إلى فنجان يضاهي ما يُقدَّم في المقاهي المختصة.
بهذه المعادلة البسيطة – توازن، دقة، وثبات – يمكن لكل محبّ للقهوة أن يصل إلى النكهة المثالية التي تليق ببداية كل يوم.