A white ceramic cup of freshly brewed coffee with golden-brown crema sits on a saucer, surrounded by roasted coffee beans scattered across the surface.

دراسة صينية تكشف عن مركّبات جديدة في القهوة قد تساعد في السيطرة على السكري

بكين، 19 أغسطس 2025 (قهوة ورلد) – لم يعد دور القهوة يقتصر على كونها مشروبًا يوميًا، بل باتت أيضًا مصدرًا غنيًا لمركّبات حيوية قد تفتح آفاقًا جديدة في مجال الصحة. فقد أعلن فريق بحثي من معهد كونمينغ لعلوم النبات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم عن اكتشاف ستة مركّبات جديدة في حبوب البن المحمّص من نوع أرابيكا، أظهرت قدرة واعدة على تثبيط إنزيم أساسي في عملية هضم الكربوهيدرات مرتبط بمرض السكري من النوع الثاني.

الدراسة التي نُشرت في مجلة Beverage Plant Research بتاريخ 18 فبراير 2025 (DOI: 10.48130/bpr-0024-0035)، قدّمت مقاربة جديدة وسريعة لاكتشاف المكوّنات الفعّالة حيويًا في الأغذية، مع التركيز على دور القهوة كمصدر لمركّبات ذات تأثيرات وظيفية صحية.

القهوة والأغذية الوظيفية

تكتسب الأغذية الوظيفية أهمية متزايدة لاحتوائها على مركّبات تتجاوز قيمتها الغذائية الأساسية لتمنح فوائد إضافية مثل مضادات الأكسدة أو الحماية العصبية أو خفض سكر الدم. غير أن التعرّف على هذه المركّبات وسط تركيبة كيميائية معقدة، كما هو الحال في القهوة، يمثل تحديًا كبيرًا للباحثين.

ولهذا استخدم الفريق الصيني تقنيات متقدمة مثل الرنين المغناطيسي النووي (NMR) والكروماتوغرافيا السائلة المقترنة بمطياف الكتلة (LC-MS/MS)، ما أتاح لهم فحص المستخلصات بسرعة وكفاءة والوصول إلى مركّبات جديدة ذات نشاط حيوي.

منهجية البحث

قاد الفريق برئاسة البروفيسور مينغخوا تشيو تجربة من ثلاث مراحل لتحديد المركّبات القادرة على تثبيط إنزيم ألفا-غلوكوزيداز، وهو إنزيم رئيسي في هضم الكربوهيدرات ويُستهدف عادةً في العلاجات الدوائية لمرض السكري:

  1. التجزئة والفحص: تم فصل مستخلص الديتربين من البن المحمّص إلى 19 جزءًا، وخضع كل جزء لاختبار طيف ^1H NMR مع قياس النشاط المثبط للإنزيم. وأظهرت الأجزاء من 9 إلى 13 أعلى نشاط بيولوجي.

  2. التحليل البنيوي: باستخدام ^13C-DEPT NMR، تبيّن وجود مجموعة ألدهيد مميزة في أحد الأجزاء النشطة (الجزء 9)، ما وجّه الباحثين نحو عزله وتنقيته.

  3. العزل والتحديد: عبر تقنية HPLC نصف التحضيرية، تمكّن الباحثون من عزل ثلاثة مركّبات جديدة أطلقوا عليها أسماء كافالديهيد A وB وC، وتم تأكيد بنيتها الكيميائية عبر الرنين المغناطيسي النووي والتحليل الطيفي عالي الدقة.

كما استعان الباحثون بتحليل الشبكات الجزيئية باستخدام منصة GNPS لاكتشاف مركّبات إضافية نادرة الحضور، ليتم تحديد ثلاثة ديتربينيات أخرى، ليصل العدد الإجمالي إلى ستة مركّبات جديدة.

نتائج الاختبارات

أظهرت المركّبات الثلاثة المعزولة (كافالديهيد A وB وC) نشاطًا مثبطًا ملحوظًا لإنزيم α-غلوكوزيداز:

  • كافالديهيد A (حمض بالميتِك): IC₅₀ = 45.07 ميكرومول

  • كافالديهيد B (حمض ستياريك): IC₅₀ = 24.40 ميكرومول

  • كافالديهيد C (حمض أراشيديك): IC₅₀ = 17.50 ميكرومول

للمقارنة، أظهر الدواء المرجعي أكاربوز قيمة IC₅₀ بلغت 607 ميكرومول في نفس ظروف الاختبار، ما يجعل المركّبات الجديدة أكثر فاعلية ضمن هذا النموذج المخبري. لكن الباحثين شددوا على أن الاختبارات أُجريت باستخدام إنزيم مشتق من الخميرة، بينما تختلف الاستجابة بشكل كبير لدى الإنزيمات البشرية، ما يستدعي حذرًا عند تفسير النتائج.

الأهمية الصحية

هذا الاكتشاف يضيف إلى الرصيد العلمي حول القهوة كمصدر لمركّبات وظيفية، ويعزز من مكانتها ليس فقط كمشروب ثقافي واقتصادي عالمي، بل أيضًا كخزان لمركّبات قد تُسهم مستقبلًا في تطوير أغذية علاجية أو مكملات غذائية تستهدف ضبط مستويات السكر في الدم.

مع ذلك، يظل من المبكر ربط النتائج بفوائد مباشرة لشرب القهوة، إذ لم يتم قياس مدى وجود هذه المركّبات في المشروبات الفعلية أو اختبار فعاليتها وسلامتها في نماذج حيوانية أو بشرية.

الخطوة التالية

أكد الباحثون أن المرحلة المقبلة ستشمل:

  • إجراء تجارب على الحيوانات والخلايا لاختبار الفاعلية.

  • دراسة مدى التوافر الحيوي والسلامة.

  • قياس تركيز هذه المركّبات في القهوة المخمّرة فعليًا.

نظرة متوازنة

رغم أن القهوة تحتوي على مركّبات واعدة لضبط سكر الدم، فإنها أيضًا تضم مركّبات مثل كافيستول وكاهويل المعروفة بتأثيرها على زيادة الكوليسترول الضار عند تناول القهوة غير المفلترة. ومن هنا، فإن أي تطبيق عملي لمركّبات القهوة كمكوّنات علاجية سيحتاج إلى موازنة دقيقة بين الفوائد والمخاطر.

الخلاصة:

تكشف الدراسة الصينية عن ستة مركّبات جديدة في البن المحمّص، ثلاثة منها أظهرت نشاطًا قويًا ضد إنزيم هضم الكربوهيدرات، ما قد يفتح المجال أمام تطوير منتجات غذائية وظيفية أو مكملات تستهدف مرض السكري من النوع الثاني. لكنها تبقى نتائج أولية تتطلب مزيدًا من البحث قبل ترجمتها إلى فوائد صحية مؤكدة.

Spread the love
نشر في :
WhatsApp Icon