القهوة عبر التاريخ .. لمحة سريعة

القهوة في اللغة العربية تعني الخمر، وتأتي كذلك من الفعل قها لأنها تقهي -تذهب- الشهية بالأكل. ومنهم من قال أتت من منطقة كافا Kaffa في أثيوبيا. تحولت الكلمة من قهوة باللغة العربية إلى كهفا باللغة التركية Kahva ، وفي اللغة الإيطالية أطلقوا عليها caffè . ثم دخلت للغة الإنجليزية في تاريخ 1582م عن طريق اللغة الألمانية Koffie.

مع عدد من الأساطير التي تمحورت حول اكتشاف القهوة لايزال لطريقة اكتشافها أساطير مختلفة ، قد تكون قصة الخالدي “ راعي الغنم” هي الأشهر، والذي لاحظ أن أغنامه أصبحت نشيطة ولا ينامون بالليل بعد أكل نبتة معينة .

ومنهم من قال أنه تم اكتشافها من اليمن عن طريق عمر الشاذلي(أبو الحسن الشاذلي) من الصوفيين والذي اشتهر كمعالج في قرية المخا اليمنية، فقبل أن يكون معالجًا تم نفيه من قرية المخا اليمنية وحينما كان جائعًا وجد بالقرب من وصاب باليمن كرزات وبدأ بأكلها ووجدها مرّة، قرر حمصها فأصبحت قاسية، ثم حاول غليها لتلين لكنها أخرجت سائل بني له رائحة عطرية.

شرب منه وشعر بالطاقة والصحة لأيام، ووصلت قصة “المشروب السحري” لقرية مخا، فسمحوا له بالعودة وجعلوه شيخاً. ولهذا السبب قد ترى البعض حتى وقتنا الحاضر يطلق عليها “الشاذلية”.

القرن الخامس عشر
أول عملية تصدير للبن كانت من أثيوبيا إلى اليمن حيث تمت في اليمن أول زراعة لنبتة البن. كما اعتبرت اليمن في ذلك العصر المركز الرئيسي لإنتاج البن في العالم، و كان أول دليل موثَق لظهور القهوة في اليمن لدى الصوفيين لذا ارتبطت القهوة بالإسلام وتعتبر “المشروب الإسلامي” نظراً لأن الصوفيين يستخدمونها لتقويهم في العبادة، فكان هناك أول عملية حمص وتحضير للقهوة.في سنة ١٤١٤م وصلت القهوة لمكة وأصبحت معروفة هناك نظرًا لكونها البديل الإسلامي للخمر.

افتتاح المقاهي

وحيثما انتشر الإسلام انتشرت القهوة على مطلع القرن الخامس عشر و وصلت إلى مصر وبلادالشام، حيث فتحت مقاهي في القاهرة حول جامعة الأزهر وفي سوريا ومكة (لاتوجد تواريخ موثقة لتزامن فتح المقاهي في هذه الفترة).وفي عهد الدولة العثمانية في تركيا فُتح أول مقهى “مسجل تاريخياً ” ١٥٥٤ م Kiva Han والذي كان افتتاحه على يد شخصين سوريين أحدهما من حلب والآخر من دمشق.

أصبحت المقاهي مكان لتبادل العلم بين الأئمة والطلاب وأيضا انتشرت فيها القصائد وبدأت تزداد شعبية وانتشار. علمًا بأن أول ظهور للمقاهي في التاريخ كان في مكة ،وصدرت فتاوى من شيوخ مختلفين انطلقت من مكة إلى أماكن مختلفة بتحريم القهوة سنة 1511 م نظراً لتأثيرها على الجسم وتشبيهها بالكحول ولكن محبي القهوة حاربوا القرار وبعد تأكد رجال العلم أنها لاتغيب العقل تم إصدار فتاوى بحلها لاحقًا.
في العصر العثماني تم اكتشاف طريقة جديدة في تحضير القهوة “ القهوة التركية “ وأعجب بها الحاكم وسرعان ما انتشرت في الدولة العثمانية وأصبحت تقدم في المقاهي وكان الشخص الذي يحضرها اسمه كهفجي .

القرن السادس عشر

في هذا العصر بدأت القهوة بالانتقال إلى أوروبا عن طريق الدولة العثمانية وعن طريق اليمن مباشرة من ميناء المخا والذي ينطق باللغة الانجليزية موكا Mocha .

معلومة مهمة : اسم موكا أطلق عليها من ميناء المخا اليمني Port of Mocha “المقصود بموكا سلالة من سلالات البن وليس مشروب”.

سنة 1657 م قام Mr. Thevenot عقب جولته في الشرق الأوسط بأخذ حبوب البن وتعليم الفرنسيين طريقة إعداد القهوة . وكان هذا أول تعارف للفرنسيين مع القهوة.
أول ظهور لزراعة البن في الهند في تاريخ 1670 م ، عن طريق بابا بودان والذي سرق 7 حبات بن من ميناء المخا حين قضى الحج وكان عائدا لبلاده وزرعها في تلال الشيكماغلور.
انتشرت القهوة في النمسا بعد خسارة المسلمين في معركة فيينا سنة 1683 م حيث استولى النمساويون على غنائم المسلمين والتي كان من ضمنها أواني تحضير القهوة التركية وأكياس بن اعتقدوا أنها طعام للإبل إلى أنّ أحد المحاربين Jerzy Franciszek Kulczycki قضى سنتين في الأسر لدى الأتراك فعرف ماهي الأكياس وقام بأخذها. ومن الغنائم تم افتتاح أول مقهى في فيينا . علمًا بوجود خلاف ما إذا كان الكولتشيكي أول من افتتح مقهى في فينا أو الأرميني Johannes Diodato لكن مانعرفه بالتأكيد أن الفضل في التقليد النمساوي بإضافة الحليب للقهوة في شرب القهوة يرجع إلى Kulczycki .

القرن السابع عشر

قام الهولنديون بزراعة بعض من أنواع القهوة والتي تم شراؤها من ميناء المخا عام 1719 م وتم زراعتها في مستعمرة جافا في اندونيسيا وبذلك أصبح لدينا نوع بن اسمه جافا.
وصلت القهوة للولايات المتحدة في سنة 1720 م عن طريق الكابتن Gabriel de Clieu والذي أُرسل من قبل الملك الفرنسي لويس لجزيرة مارتينيك في بحر الكاريبي، وانتشرت إلى جزيرة هاييتي والمكسيك وغيرها. وفي سنة 1727م أرسل ملك البرتغال Francisco de Melo Palheta ليأخذ حبوب البن من الفرنسيين وبطرقه الخاصة استطاع الاستحواذ عليها وقام بزراعتها في البرازيل. والأن تعتبر البرازيل أكبر مصدر للبن في العالم .

قصة الاسبريسو

سنة 1884 م انجيلو موريندو Angelo Moriondo كان أول مبتكر لمكينة الاسبريسو، عكس مكائن الاسبريسو المستخدمة الأن كانت الأداة كبيرة ولم تحضر الاسبريسو بالوجه المطلوب. بعد 17 سنة قام Luigi Bezzera بإضافة بعد التعديلات عليها مثل ضغط البخار ،وأخذ براءة اختراع عليها 1901م تحت عنوان” Innovations in the machinery to prepare and immediately serve coffee beverage” اختراع مكينة سريعة التحضير لمشروب القهوة . وفي 1905م قام الإيطالي Desidero Pavoni بشراء براءة الاختراع وبدأ بتصنيعها تجاريا .

القهوة سريعة التحضير


تم اختراعها في 1881 م من قبل Alphonse Allais في فرنسا . وفي 1890 م في نيوزيليندا قام David Strang بتسجيل براءة اختراع عليها وبدأ ببيعها تحت مسمى Strang’s Coffee وأطلق على براءة اختراعه “Dry Hot-Air”، أيضا تم نسبها إلى العالم الياباني Satori Kato في 1901 م والذي قدمها في بافلو ونيويورك في أحد المعارض . قام جورج كونستانت لويس واشنطن بتطوير قهوة سريعة التحضير خاصة به وبدأ ببيعها تجاريا في تاريخ 1910 م . في تاريخ 1938 م قامت شركة نستله السويسريه بإنشاء “نسكافيه” كعلامة تجارية وبدأت في بيعها تجاريا في سويسرا، وجدت نسكافيه عندما تواصلت الحكومة البرازيلية مع شركة نستله لإيجاد حل لفائض البن لديها.

موجة القهوة الأولى
ركزت على الإنتاج الضخم وضحت بالطعم والجودة على سبيل الربحية . كان روادها نسكافيه Nescafe ماكسويل هاوس Maxwell House و فولقرز Folgers حيث كان منتج هذه الموجة القهوة السريعة التحضير .

موجة القهوة الثانية

سنة 1966 م رواد هذه الموجة كانوا ستاربكس Starbucks و قهوة بيت Peet’s Coffee، ساهمت الموجة الثانية في تقديم مشروب الاسبريسو للعالم وانتشاره وتقديم مشروباته مثل: لاتيه، كابتشينو، أمريكانو، موكا وغيرها.وكانت ستاربكس هي الرائدة في الموجة الثانية حيث لجأ الكثير حول العالم باتباع خطوات ستاربكس كمشروع هيكلي Business Modelحيث يركز على جانب التوسع عن طريق زيادة عدد الفروع مما يؤدي إلى تقليل القدرة على السيطرة في جودة القهوة مما أدى إلى افتقادها للجودة والاستمرارية في الطعم.

موجة القهوة الثالثة
في 2002 م تمت الإشارة إلى الموجة الثالثة. تعتبرحركة لرفع جودة القهوة تتضمن جودة الزراعة والإنتاج، الحصد، المعالجة، طزاجة التحميص، إعداد القهوة بمعايير عالية من الجودة. حيث تعد الشفافية جانب مهم في القهوة المختصة حيث يستطيع الباريستا إعطاؤك معلومات مثل: تاريخ الحمص، من أي منطقة، وطريقة المعالجة. تسمى الموجة الثالثة بالقهوة المختصة نظر ًا لأن تقييم البن يكون فوق ال 80  من 100 من قبل مقيمين معتمدين من منظمة القهوة العالمية. يستخدم في تحضيرها طرق مختلفة مثل أدوات السحب، وأدوات التقطير مثل الكيميكس والV60 وغيرها.

و مازالت القهوة حتى يومنا هذا تتهجن بأيدي جديدة وبطرق مختلفة .. ياترى مالقادم؟

المصدر :

https://hjeen.com/coffee-in-history/

 

 

نشر في :