علماء في جامعة بنسلفانيا يكتشفون طريقة علمية لتحضير قهوة أقوى باستخدام تقنيات السكب اليدوي

علماء في جامعة بنسلفانيا يكتشفون طريقة علمية لتحضير قهوة أقوى باستخدام تقنيات السكب اليدوي

في ظل الارتفاع المستمر في أسعار القهوة عالميًا والتحديات المناخية التي تواجه إنتاجها، توصل فريق من الفيزيائيين في جامعة بنسلفانيا إلى طريقة مبتكرة لتحضير قهوة أكثر قوة ونقاء باستخدام تقنيات السكب اليدوي (البور أوفر). وتُظهر الدراسة، التي نُشرت في مجلة Physics of Fluids، كيف يمكن لطريقة السكب الدقيقة أن تعزز استخلاص مكونات القهوة بشكل أفضل، مما يسمح بتحضير قهوة قوية باستخدام كمية أقل من الحبوب.

فيزياء في فنجان القهوة

قاد الدراسة الدكتور أرنولد ماتيجسن، الذي أشار إلى أن الفريق استخدم حبات شفافة من هلام السيليكا بدلًا من القهوة داخل قطّارة زجاجية لرصد سلوك الماء داخل القهوة باستخدام كاميرات عالية السرعة وتقنيات تصوير بالليزر. وتبين أن سكب الماء من ارتفاع مناسب يؤدي إلى حدوث ما يُعرف بـ”الانهيارات الصغيرة” داخل طبقة القهوة، مما يُحسن من تمازج الماء مع الجزيئات الدقيقة ويعزز من استخلاص النكهات والمواد الفعالة.

وقال الدكتور ماتيجسن: “تساعد هذه الانهيارات الدقيقة الماء على اختراق أعمق طبقات القهوة بشكل أكثر توازنًا. الأمر ليس مجرد حيلة تحضيرية، بل هو تطبيق مباشر لقوانين الفيزياء”.

قهوة أقوى باستخدام كمية أقل

كشفت التجارب أن هذا التأثير الفيزيائي يُمكن أن يؤدي إلى تقليل كمية القهوة المستخدمة بنسبة تصل إلى 10% دون التأثير على قوة المشروب. وأظهرت القياسات أن نسبة المواد الذائبة (TDS) في القهوة الناتجة كانت مساوية، أو حتى أعلى، من تلك المحضرة بالطرق التقليدية.

وتوصي الدراسة بمراعاة ثلاث نقاط أساسية لتحضير مثالي:

  • ارتفاع السكب: حوالي 30 سنتيمترًا (12 إنشًا) لتحفيز الانهيارات الدقيقة.

  • التحكم في تدفق الماء: باستخدام إبريق دقيق مثل “غوس نيك” لتجنب انقطاع السيل أو تناثر الماء.

  • مدة التحضير: بين 2.5 إلى 4 دقائق لضمان استخلاص الكافيين بالكامل دون تعريض القهوة لحرارة مفرطة.

قهوة أنقى ومذاق متوازن

تشير الدراسة إلى أن استخدام الفلاتر الورقية في طريقة البور أوفر لا يمنع فقط الجزيئات الدهنية والصلبة من المرور، بل يحافظ أيضًا على طعم نقي ومتوازن وخالٍ من المرارة الزائدة. وأشارت نتائج البحث إلى أن القهوة المحضرة بهذه الطريقة تحتوي على دهون أقل بـ10 مرات مقارنةً بطرق التحضير الأخرى مثل الضغط الفرنسي أو الفلاتر المعدنية.

ويؤكد الشيف وخبير التغذية سيرجي ليونوف، مؤسس أكاديمية “زُوجيغاي” للتغذية الصحية، أن هذه الطريقة توفر توازنًا بين الفائدة الصحية والطعم النقي، قائلًا: “كلما قلت كمية الدهون والجزيئات الدقيقة في القهوة، كان المذاق أنظف وأكثر توازنًا، وكان التأثير الصحي أفضل”.

أهمية البحث في ظل أزمة الإنتاج

مع ارتفاع أسعار قهوة أرابيكا عالميًا وتراجع المحاصيل نتيجة تغير المناخ، يوفر هذا البحث العلمي حلاً عمليًا وذكيًا لتقليل استهلاك الحبوب دون التأثير على الجودة. وقال الدكتور ماتيجسن: “هذا البحث لا يهدف فقط لتحسين مذاق القهوة، بل لتقليل الهدر وجعل قطاع القهوة أكثر استدامة”.

تطبيقات أبعد من المطبخ

يمتد تأثير هذه الدراسة إلى مجالات أخرى مثل معالجة المياه، وديناميكا التربة، وتقنيات الفلترة الصناعية. ويؤكد الباحثون أن فهم هذه الظواهر الفيزيائية داخل كوب القهوة يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة لحل تحديات تقنية وبيئية أكبر.

توصيات عملية لعشاق القهوة

للحصول على أفضل نتائج ممكنة باستخدام هذه الطريقة:

  • استخدم إبريق “غوس نيك” للتحكم الدقيق في تدفق الماء.

  • اسكب الماء من ارتفاع يقارب 30 سم.

  • احرص على سكب الماء بشكل مستمر وهادئ.

  • جرّب تقليل كمية القهوة بنسبة 10% مع الحفاظ على وقت التحضير بين 2.5 و4 دقائق، ثم قيّم النكهة وقوة الاستخلاص.

خاتمة

في عالم يبحث عن حلول ذكية لتقليل الاستهلاك دون المساس بالجودة، تقدم جامعة بنسلفانيا برهانًا علميًا على أن القهوة يمكن أن تكون أكثر كفاءة ومتعة عندما نعيد التفكير في طريقة تحضيرها. السكب اليدوي ليس فقط أسلوبًا أنيقًا، بل أيضًا نهج علمي مدروس لتحضير أفضل فنجان ممكن بأقل الموارد.

Spread the love
نشر في :