
سوق القهوة في الصين ينطلق نحو آفاق جديدة بتوقعات تتجاوز 45 مليار دولار في 2032
دبي – قهوة ورلد
تشهد سوق القهوة في الصين طفرة غير مسبوقة مع تزايد الطلب وتغير العادات الاستهلاكية، إذ بلغ حجم السوق في عام 2024 نحو 20.9 مليار دولار أمريكي، ومن المنتظر أن يقفز إلى أكثر من 45.5 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب يقدّر بـ 10.19% خلال الفترة بين 2025 و2032. هذه الأرقام تعكس تحولات جوهرية في مكانة القهوة داخل قطاع المشروبات الصيني الذي كان يعتمد في السابق على الشاي كمشروب رئيسي.
يرتكز الإنتاج المحلي للقهوة على مقاطعة يونان التي توفر ما يزيد عن 60% من إنتاج الصين، تليها هاينان مع مساهمات محدودة من فوجيان. ورغم هذا الإنتاج، يبقى السوق الصيني معتمدًا بشكل كبير على الاستيراد لتغطية الطلب المتنامي، ما دفع الحكومة والمستثمرين إلى تعزيز البحث والتطوير من أجل رفع الإنتاجية وتحسين الجودة. وفي الوقت نفسه، تشكل القهوة الفورية الحصة الأكبر في السوق بفضل سهولة التحضير وتناسبها مع إيقاع الحياة السريع، بينما تتوسع فئات أخرى مثل القهوة المطحونة والحبوب الكاملة لتلبية أذواق أكثر تنوعًا.
على صعيد التجزئة، يبرز حضور قوي لسلاسل عالمية ومحلية أعادت رسم المشهد. ستاربكس تدير اليوم أكثر من 3,300 فرع في أنحاء الصين، فيما تواصل سلسلة لوكين كوفي توسعها اللافت بهدف الوصول إلى 10,000 فرع مستندة إلى نموذج رقمي مبتكر يعتمد على الطلب عبر تطبيق متصل بمنصة وي تشات، ما أتاح لها جمع بيانات دقيقة عن سلوك المستهلكين وتطوير عروض مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتهم. أما مانر كوفي فقد نجحت في جذب الشباب عبر سياسة تسعير أقل بنسبة تصل إلى 40% من السلاسل الغربية، مقرونة بلمسات صديقة للبيئة مثل الخصومات للمستهلكين الذين يجلبون أكوابهم الخاصة. وفي المقابل، تراهن كوستا كوفي على التنويع المحلي للنكهات، إذ تختلف وصفاتها بين المدن الكبرى بما يتناسب مع اختلاف الأذواق الإقليمية.
التجارة الإلكترونية أصبحت أحد أهم محركات السوق، حيث تستحوذ منصة تمال التابعة لمجموعة علي بابا على 56.6% من المبيعات عبر الإنترنت، بينما تأتي JD.com في المرتبة الثانية بحصة 24.7%، وهو ما يعكس التحول المتزايد لدى المستهلك الصيني نحو شراء منتجات القهوة من خلال المنصات الرقمية الموثوقة والمعتمدة.
ويضم المشهد التنافسي أسماء بارزة مثل نستله، ستاربكس، لوكين كوفي، غلوريا جينز، كرافت هاينز، كوكاكولا، مجموعة JAB، ولويجي لافازا، إضافة إلى شركات محلية مثل هاينان ليسون وديهونغ هوغود. جميعها تسعى إلى تعزيز حصتها من خلال الجمع بين التوسع الجغرافي، تطوير المنتجات، وتسخير المنصات الرقمية لتعزيز الولاء والعلاقة مع المستهلكين.
التوقعات تشير إلى أن السوق الصيني لن يتوقف عند حدود النمو الكمي، بل سيشهد تطورات نوعية تشمل تعزيز الاستدامة، الابتكار في المشروبات الوظيفية مثل القهوة البروتينية، وازدياد الاعتماد على التجارة الرقمية كقناة بيع رئيسية. ومع هذه المؤشرات، يبدو أن الصين في طريقها للتحول إلى قوة عالمية في صناعة القهوة، تمزج بين إنتاج محلي متنامٍ واعتماد متزايد على الواردات لتلبية الطلب المتسارع لمجتمع استهلاكي يتغير بوتيرة مذهلة.