
أسعار القهوة تواصل الاتفاع بفعل الجفاف في البرازيل وتراجع الإمدادات
دبي، 21 أغسطس 2025 (قهوة ورلد) – واصلت أسعار القهوة ارتفاعها الحاد هذا الأسبوع، مسجّلة أعلى مستوياتها منذ أشهر، مدفوعة بموجة جفاف في البرازيل، وانخفاض المخزونات، وتشديد الإمدادات في السوق الأمريكية بعد فرض رسوم جمركية على الواردات البرازيلية. فقد أغلق عقد سبتمبر لقهـوة أرابيكا (KCU25) على ارتفاع قدره +4.05 سنتات (+1.14%)، في حين صعد عقد سبتمبر لقهـوة روبوستا (RMU25) بمقدار +236 نقطة (+5.35%)، ليصل أرابيكا إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من شهرين، وروبوستا إلى أعلى مستوى في شهرين ونصف. هذا الارتفاع الممتد منذ أكثر من أسبوعين يعكس حالة القلق المتنامية لدى المتعاملين والمحمصين في السوق العالمية.
تعزو الأسواق هذه الموجة من الارتفاع بالدرجة الأولى إلى الظروف المناخية في البرازيل، أكبر منتج للقهوة في العالم. فقد ذكرت شركة “سومار ميتيورولوجيا” أن ولاية ميناس جيرايس، أكبر مناطق زراعة أرابيكا في البلاد، لم تتلق أي هطول مطري خلال الأسبوع المنتهي في 16 أغسطس. ويؤدي الجفاف في مثل هذه الفترة من الموسم إلى دفع صناديق الاستثمار للمضاربة بقوة على العقود المستقبلية، إذ أن الطقس الجاف يساعد في تسهيل عمليات الحصاد لكنه يشكل خطراً على الأشجار ويهدد الإنتاج المستقبلي، خصوصاً لأرابيكا الأكثر حساسية للتغيرات المناخية.
وفي الولايات المتحدة، أحد أكبر المستوردين عالمياً، ظهرت أزمة موازية مع فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على القهوة البرازيلية. وقد دفع هذا القرار المشترين الأمريكيين إلى التراجع عن إبرام عقود جديدة ومحاولة تعديل العقود القائمة لتجنب دفع الرسوم، فيما لجأ بعضهم إلى طلب تمديد مواعيد الشحن. وبالنظر إلى أن نحو ثلث القهوة غير المحمصة المستوردة إلى الولايات المتحدة مصدرها البرازيل، فقد أدى ذلك إلى تشديد إضافي في السوق.
وتؤكد بيانات وزارة التجارة البرازيلية ومجلس مصدّري القهوة (Cecafé) هذا الانكماش في الصادرات، حيث انخفضت شحنات يوليو من القهوة غير المحمصة بنسبة -20.4% على أساس سنوي لتصل إلى 161 ألف طن متري، فيما تراجعت صادرات البن الأخضر بنسبة -28% لتسجل 2.4 مليون كيس. وانخفضت شحنات أرابيكا بنسبة -21% وروبوستا بنسبة -49%. وبالمجمل، تراجعت الصادرات البرازيلية في يوليو إلى 2.7 مليون كيس، لتسجل الشحنات خلال الفترة من يناير حتى يوليو انخفاضاً بنسبة -21% إلى 22.2 مليون كيس مقارنة بالعام الماضي.
أما المخزونات العالمية فقد أضافت بدورها دعماً إضافياً للأسعار، إذ هبطت مخزونات أرابيكا الخاضعة للرقابة في بورصة العقود الآجلة (ICE) إلى أدنى مستوى في عام وربع عند 726,661 كيساً قبل أن ترتفع قليلاً، فيما انخفضت مخزونات روبوستا إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 6,732 عقداً، لتظل دون القمة الأخيرة التي سُجلت في يوليو.
ورغم هذه المؤشرات الصاعدة، فإن تقدم موسم الحصاد في البرازيل يوفّر عامل تهدئة مؤقت. فقد أعلنت تعاونية “كوأكسيبي” (Cooxupé)، أكبر تعاونية ومصدّر للبن في البلاد، أن أعضائها أنجزوا 86.1% من الحصاد حتى 15 أغسطس. فيما أفادت شركة “سافراس آند ميركادو” أن الحصاد الوطني اكتمل بنسبة 94% بحلول 6 أغسطس، مع إنهاء 99% من حصاد روبوستا و91% من حصاد أرابيكا.
وعلى الصعيد العالمي، أظهرت بيانات المنظمة الدولية للقهوة (ICO) أن صادرات يونيو ارتفعت بنسبة +7.3% على أساس سنوي لتصل إلى 11.69 مليون كيس، إلا أن الصادرات التراكمية خلال الفترة من أكتوبر حتى يونيو ظلت شبه مستقرة عند 104.14 مليون كيس بانخفاض -0.2% مقارنة بالعام السابق. وفي فيتنام، أكبر منتج لروبوستا، أدى الجفاف إلى تراجع الإنتاج في موسم 2023/24 بنسبة -20% إلى 1.472 مليون طن متري، وهو الأدنى منذ أربع سنوات. كما هبطت الصادرات في 2024 بنسبة -17.1% إلى 1.35 مليون طن متري، في حين خفضت جمعية البن والكاكاو الفيتنامية توقعاتها لموسم 2024/25 إلى 26.5 مليون كيس بدلاً من 28 مليون كيس كانت متوقعة سابقاً. ورغم هذه التحديات، ارتفعت صادرات فيتنام خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025 بنسبة +6.9% إلى 1.05 مليون طن متري.
وبالنظر إلى المستقبل، تتوقع خدمة الزراعة الخارجية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية (FAS) أن يبلغ الإنتاج العالمي لموسم 2025/26 نحو 178.68 مليون كيس بزيادة +2.5% على أساس سنوي. وتشير التقديرات إلى تراجع إنتاج أرابيكا بنسبة -1.7% إلى 97.02 مليون كيس، مقابل زيادة إنتاج روبوستا بنسبة +7.9% إلى 81.65 مليون كيس. ومن المتوقع أن تسجل البرازيل إنتاجاً قدره 65 مليون كيس (+0.5%)، بينما سترتفع فيتنام إلى أعلى مستوى في أربع سنوات عند 31 مليون كيس (+6.9%). كما سترتفع المخزونات الختامية بنسبة +4.9% إلى 22.82 مليون كيس. ومع ذلك، حذرت شركة “فولكافيه” التجارية من تفاقم عجز أرابيكا عالمياً، متوقعة فجوة تبلغ -8.5 مليون كيس في موسم 2025/26 مقارنة بعجز -5.5 مليون كيس في الموسم الجاري، وهو ما سيكون العام الخامس على التوالي من العجز في أرابيكا، الأمر الذي يرجح بقاء الأسعار تحت ضغط صعودي طويل الأمد.