
إنتاج القهوة يزدهر رغم التحديات: كيف نجحت اليمن وإثيوبيا وكولومبيا في تجاوز العقبات؟
نشر التقرير العالمي للقهوة دراسة مهمة بعنوان “ضد التحديات: أين يزدهر إنتاج القهوة؟“، من إعداد أبريل هوكسوورث. ونظرًا لأهمية هذه الدراسة، قررنا في عالم القهوة إعادة نشر أبرز نتائجها، حيث تسلط الضوء على الدول التي تمكنت من تحقيق نمو في إنتاج القهوة على الرغم من التحديات المناخية التي أثرت بشدة على كبرى الدول المنتجة للقهوة.
في حين أن دولًا رئيسية مثل فيتنام والبرازيل واجهت تراجعًا في الإنتاج أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، فقد استطاعت دول أخرى تجاوز العقبات من خلال الابتكار، والتكيف، والسياسات الحكومية الفعالة.
اليمن: المفتاح الجيني لحماية مستقبل القهوة
برزت اليمن كدولة محورية في تأمين مستقبل القهوة، ليس فقط بسبب إرثها التاريخي العريق، ولكن أيضًا بسبب تنوعها الجيني الاستثنائي. فرغم كونها واحدة من أكثر المناطق جفافًا في العالم، فإن أشجار القهوة اليمنية لا تزال تنمو بقوة، ما يوفر حلاً محتملاً للتحديات المناخية التي تواجه زراعة القهوة عالميًا.
“أكثر من 60% من أنواع الأرابيكا البرية معرضة للخطر بسبب تغير المناخ وانخفاض التنوع الجيني”، يقول فارس الشيباني، مؤسس قهوة كيما. “القهوة اليمنية تمتلك قدرة فريدة على التكيف، ما قد يجعلها الحل لإنقاذ إنتاج القهوة عالميًا”.
أبحاث علمية رائدة لتطوير أصناف مقاومة للمناخ
بالتعاون مع علماء دوليين، يعمل الباحثون اليمنيون على مشاريع لرسم الخريطة الجينية لأنواع القهوة المحلية، بهدف دراسة قدرتها على التكيف مع المناخ، ومقاومة الآفات، وتحمل الأمراض. ومن شأن هذه النتائج أن تدعم برامج تربية سلالات مقاومة للتغيرات المناخية، بدعم من الحكومة اليمنية.
وعلى الرغم من أن الإنتاج السنوي الرسمي للقهوة اليمنية يقدر بحوالي 20,000 طن، إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بسبب وجود تجارة غير رسمية. ومع ذلك، تحظى القهوة اليمنية باعتراف عالمي متزايد بفضل جودتها الفريدة وقيمتها الجينية.
“أشجار القهوة اليمنية صمدت لقرون في ظروف قاسية”، يضيف الشيباني. “قد تكون هذه الصفات الجينية السبيل الوحيد لإنقاذ زراعة القهوة حول العالم من آثار التغير المناخي”.
إثيوبيا: عملاق القهوة الأفريقي يزدهر رغم الجفاف
تظل إثيوبيا أكبر منتج للقهوة في إفريقيا، حيث تعتبر القهوة ركيزة اقتصادية أساسية وعنصرًا متجذرًا في ثقافة البلاد. وخلال السنوات الخمس الماضية، وتحت قيادة رئيس الوزراء آبي أحمد، تمكنت إثيوبيا من مضاعفة إنتاجها من القهوة، رغم تعرضها لأسوأ موجات الجفاف في تاريخها.
قفزت عائدات تصدير القهوة الإثيوبية من 900 مليون دولار في 2018 إلى 1.4 مليار دولار في 2023، مع هدف تحقيق 2 مليار دولار بحلول 2025.
الإصلاحات الحكومية تقود طفرة الإنتاج
بحسب إسرائيل ديجيفا، الرئيس التنفيذي لشركة كيرشانشي تريدينغ، وهي أكبر منتج ومصدر للقهوة في إثيوبيا، فإن الإصلاحات الحكومية كانت العامل الأهم في تحقيق هذه الطفرة الإنتاجية. ومن بين أبرز هذه المبادرات:
- مبادرة الإرث الأخضر، التي تم إطلاقها في 2019، وتجاوزت هدفها بزراعة أكثر من 25 مليار شجرة، مما ساهم في توسيع مناطق زراعة القهوة.
- إعفاء المعدات الزراعية الحديثة من الجمارك، بما في ذلك أنظمة الري، والجرارات، والحصادات، مما جعل الزراعة أكثر كفاءة.
- حوافز تصديرية تسمح لمصدري القهوة بالاحتفاظ بـ 50% من عائداتهم بالعملة الصعبة، ما يعزز قدرتهم على الاستثمار في البنية التحتية والإنتاج.
طورت كيرشانشي تريدينغ مزارعها بشكل جذري، حيث تحولت إلى نظام ري حديث عالي الكثافة، ما سمح بزراعة 5500 إلى 10,000 شجرة قهوة لكل هكتار، مقارنةً بالمزارع التقليدية التي تزرع 1200 شجرة فقط لكل هكتار.
“لم نعد نعتمد على الأمطار”، يقول ديجيفا. “بفضل أنظمة الري الحديثة، نجحنا في تحقيق إنتاج أربعة إلى خمسة أضعاف المزارع التقليدية”.
بالإضافة إلى ذلك، استثمرت إثيوبيا في تطوير الخدمات اللوجستية لقطاع القهوة، من خلال إنشاء شبكة سكك حديدية مخصصة للصادرات الزراعية، مما يضمن وصول القهوة إلى الأسواق العالمية بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
كولومبيا: قوة صامدة في سوق القهوة العالمي
تعد كولومبيا ثالث أكبر منتج للقهوة في العالم، حيث تواصل تعزيز مكانتها على الرغم من التحديات المناخية المستمرة. وتشكل القهوة عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد الكولومبي، إذ توفر فرص عمل لما يزيد عن 2.5 مليون شخص، وتعتمد عليها 560,000 عائلة كمصدر رئيسي للدخل.
في 2024، ارتفع إنتاج القهوة الكولومبي بنسبة 23%، ليصل إلى 14 مليون كيس بوزن 60 كغم، بقيمة إجمالية بلغت 14 تريليون بيزو (3.14 مليار دولار أمريكي).
ووفقًا لـجيرمان باهامون، الرئيس التنفيذي لـاتحاد مزارعي القهوة في كولومبيا (FNC)، فإن هذا النجاح يعود إلى تحسين إدارة الآفات، وبرامج التكيف مع المناخ، وجهود إعادة زراعة المحاصيل.
“87% من مزارع القهوة في كولومبيا تستخدم الآن أصنافًا محسنة طورها مركز سينكافي، ما يجعلها أكثر قدرة على تحمل التغيرات المناخية والآفات”، يوضح باهامون.
التحول الرقمي يدعم نمو الإنتاج
تعتمد كولومبيا على أنظمة تحديد المواقع الجغرافية (GPS) لمتابعة إعادة زراعة المحاصيل وتوجيه عمليات التسميد بدقة. وفي 2024 وحدها، أعيدت زراعة 90,000 هكتار، ما يمثل 11% من إجمالي مساحة مزارع القهوة في البلاد.
كما وفر اتحاد مزارعي القهوة دعمًا ماليًا عبر برامج القروض والمنح لمساعدة المزارعين على تحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاج.
“نحن ملتزمون بالجودة والاستدامة”، يقول باهامون. “ونتوسع حاليًا في أسواق جديدة مثل أوروبا والشرق الأوسط والصين، حيث يزداد الطلب على القهوة الكولومبية”.
القهوة: صناعة تتحدى الأزمات العالمية
على الرغم من التغيرات المناخية والتحديات الاقتصادية، أثبتت اليمن وإثيوبيا وكولومبيا أنها نماذج للابتكار والصمود. فمن خلال الأبحاث العلمية، والدعم الحكومي، وتحديث أساليب الزراعة، تمكنت هذه الدول من تحقيق النمو في أصعب الظروف.
ومع ارتفاع الطلب العالمي على القهوة، فإن هذه الاستراتيجيات الرائدة ستساهم في تشكيل مستقبل أكثر استدامة لصناعة القهوة العالمية.
- بواسطة : Qahwa World
- على :
آخر المشاركات
- الفاو: ارتفاع أسعار القهوة عالميًا بنحو 40% في عام 2024
- الفرصة الأخيرة لحجز تذاكر معرض ملبورن الدولي للقهوة 2025 بأسعار مخفضة
- إنتاج القهوة يزدهر رغم التحديات: كيف نجحت اليمن وإثيوبيا وكولومبيا في تجاوز العقبات؟
- التعريفات الجمركية تهدد إمدادات القهوة في أمريكا الشمالية
- “لاتيه فطيرة التفاح بالكراميل”.. مشروب يجمع بين الحلوى والقهوة