
شبكة “إينوفيا” العالمية تبدأ تجاربها الميدانية في سبع دول وتبشر بعصر جديد في تحسين سلالات قهوة أرابيكا
مع نهاية عام 2024، تحقق إنجاز كبير في مجال البحث الزراعي العالمي في قطاع القهوة، حيث تمكنت ست دول من تثبيت أول تجارب ميدانية لشبكة “إينوفيا” العالمية لتحسين سلالات القهوة الأرابيكا. هذا التطور يمثل خطوة محورية نحو تسريع الابتكار الجيني لمواجهة تحديات إنتاج القهوة في المستقبل، مثل تغيّر المناخ، ومكافحة الأمراض، والحفاظ على تنوع الأصول الجغرافية للقهوة.
تشكل هذه التجارب أساساً علمياً لإنتاج أصناف جديدة من القهوة تتلاءم مع احتياجات الأسواق المحلية، بفضل تنوع جيني عالي لم يكن متاحاً من قبل للعديد من الدول المنتجة. ومن خلال هذه المبادرة، سيتمكن المزارعون والباحثون من الوصول إلى مواد وراثية فريدة، تتيح تطوير أصناف أكثر إنتاجية ومقاومة، دون التضحية بالجودة.
الدول التي ثبتت هذه التجارب في عام 2024 هي كوستاريكا، والمكسيك، وبيرو، وأوغندا، وكينيا، ورواندا، ومن المنتظر أن تنضم الهند في نهاية العام، ودولة ثامنة في عام 2025. وقد تم حتى الآن زراعة أكثر من 5000 شجرة ضمن برنامج إينوفيا، وسيتم خلال السنوات الست المقبلة جمع بيانات دقيقة عن الأداء والجينات لكل شجرة، لتحديد الأشجار المؤهلة للتكاثر والإصدار التجاري في المستقبل.
بدأ المعهد الكوستاريكي للقهوة (ICAFE) تجربته في مايو 2024، ثم لحقت به جامعة تشابينغو في المكسيك في نوفمبر. في ديسمبر، أكمل المعهد الوطني للابتكار الزراعي (INIA) في بيرو تركيب تجاربه. أما في إفريقيا، فقد بدأت أوغندا وكينيا تجاربهما في أبريل عبر المعهد الوطني لأبحاث القهوة (NaCORI) ومنظمة البحوث الزراعية والثروة الحيوانية (KALRO) على التوالي، بينما نفذت رواندا تركيب تجربتها في مارس عبر مجلس الزراعة (RAB). أما المعهد المركزي لأبحاث القهوة في الهند (CCRI)، فقد اختتم التجارب في ديسمبر 2024.
كل مؤسسة بحثية مشاركة لا تزرع الأشجار فحسب، بل تساهم أيضًا في قاعدة بيانات عالمية موحدة، تهدف إلى تسريع وتيرة الابتكار الجيني وتكييف الأصناف مع الظروف المحلية في كل منطقة. بخلاف النهج الإقليمي التقليدي، توفر شبكة “إينوفيا” منصة علمية مشتركة تسمح بتبادل المعرفة والتجارب بين الدول وتسريع تطوير أصناف قهوة جديدة تتسم بالاستدامة والجودة العالية.
شبكة “إينوفيا” تضم اليوم تسع دول، وتوحد جهود الباحثين والمربين وواضعي السياسات في مهمة مشتركة لتأمين مستقبل القهوة الأرابيكا. ومع استمرار الطلب العالمي على القهوة وتزايد التحديات البيئية، تمثل هذه المبادرة ركيزة أساسية لضمان بقاء المزارعين في موقع تنافسي وتمكينهم من التكيف مع المتغيرات.
تجسد هذه الشراكة الدولية نهجًا جديدًا في الابتكار الزراعي، يعتمد على التعاون المفتوح، وتوفير فرص متساوية للوصول إلى الموارد الوراثية، والاعتماد على البيانات لمواجهة التحديات المعقدة التي تواجه زراعة القهوة اليوم.
ومع استمرار نمو الأشجار وجمع البيانات حتى عام 2030، تترقب الأوساط المتخصصة في صناعة القهوة نتائج هذه التجارب التي قد تعيد تشكيل الخريطة الوراثية للقهوة الأرابيكا لعقود قادمة.