
ابتكارات لتدعيم القهوة بالحديد تحارب سوء التغذية دون التأثير على المذاق
دبي، 14 أغسطس 2025 (قهوة ورلد) – يشهد العالم تطورًا علميًا بارزًا في مجال تدعيم الأغذية والمشروبات بالحديد، إذ قدّم فريقان بحثيان – أحدهما من الولايات المتحدة والآخر من الهند – حلولًا مبتكرة لمعالجة نقص هذا المعدن الحيوي المنتشر عالميًا، مع الحفاظ على جودة الطعم وعدم التأثير على الخصائص الحسية للمشروبات، وعلى رأسها القهوة.
مشكلة صحية عالمية
يعاني نحو ملياري شخص حول العالم من نقص الحديد، وهو ما يؤدي إلى فقر الدم، وضعف نمو الدماغ لدى الأطفال، وانخفاض المناعة، والإرهاق المزمن، وارتفاع معدلات وفيات الرضع. ورغم أن برامج تدعيم الأغذية أثبتت فعاليتها، إلا أنها تواجه تحديات، أبرزها تفاعل الحديد مع مكونات الطعام وإكسابه طعمًا معدنيًا، إضافة إلى فقدانه أثناء التخزين أو الطهي، وانخفاض معدل امتصاصه في الجسم.
ابتكار معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: جزيئات دقيقة تحمل الحديد واليود
نجح باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في تطوير جزيئات كريستالية دقيقة تُعرف باسم “الأطر المعدنية العضوية” (MOFs)، مصنوعة من الحديد وحمض الفوماريك الآمن غذائيًا، لتدعيم الأغذية والمشروبات بالحديد دون أن يتفاعل مع مركبات القهوة أو الشاي التي تعيق امتصاصه.
-
حجم الجزيئات: يتراوح بين 10 و100 ميكرومتر، ما يسمح بدمجها في الطعام أو الشراب دون التأثير على القوام أو الملمس.
-
الابتكار الأساسي: منع تفاعل الحديد مع البوليفينولات الموجودة في القهوة والشاي.
-
التدعيم المزدوج: إمكانية تحميل هذه الجزيئات باليود أيضًا، دون أن يتفاعل العنصران معًا، ما يمكّن من إنتاج أغذية ومشروبات مزدوجة التدعيم.
-
المرونة: إمكانية تكييف التقنية لتدعيم عناصر أخرى مثل الزنك أو الكالسيوم أو المغنيسيوم أو فيتامين A.
وقالت آنا جاكلينيك، الباحثة الرئيسية في معهد كوخ للأبحاث التكاملية للسرطان بـ MIT:
“هدفنا تطوير طريقة يمكن استخدامها عالميًا دون الحاجة لإعادة صياغة المنتجات وفقًا لاختلاف الأغذية الأساسية بين الدول، بحيث يمكن دمجها في الخبز أو الأرز أو القهوة أو الشاي بنفس الكفاءة.”
أظهرت الاختبارات أن هذه الجزيئات تحافظ على استقرارها أثناء التخزين لفترات طويلة، وفي ظروف الحرارة والرطوبة العالية، وحتى عند الغليان، ولا تطلق الحديد إلا في بيئة المعدة الحمضية، ما يضمن أعلى معدل امتصاص.
في التجارب على الحيوانات، وُجد أن الحديد واليود يصلان إلى الدم خلال ساعات من الاستهلاك، حيث تم تتبع اليود المشع حتى الغدة الدرقية، ثم طرحه عبر الكلى. ويعمل الفريق حاليًا على تأسيس شركة لإنتاج قهوة وشاي ومشروبات أخرى مدعمة بالحديد واليود، بدعم جزئي من مؤسسة بيل وميليندا غيتس.
دراسة هندية تحدد أنسب مركبات الحديد لتدعيم القهوة
بالتوازي مع الابتكار الأمريكي، أجرى فريق من المعهد المركزي لبحوث الأغذية والتكنولوجيا (CSIR-CFTRI) في ميسور – الهند، دراسة شاملة لتقييم سبعة مركبات حديدية لتدعيم قهوة الأرابيكا:
-
إيثيلين ديامين رباعي الأسيتات الحديديك الصوديوم (FSE) – الأفضل من حيث الذوبان (>90%)، والاحتفاظ بالحديد في القهوة بمعدل 4.702 ملغ لكل 100 مل، مع أقل تفاعل مع بوليفينولات القهوة وأقل تأثير على الطعم.
-
بيس-غليسينات الحديدوز (FB) – ذوبان جيد وخصائص حسية مقبولة.
-
كبريتات الحديدوز (FS) و غلوكونات الحديدوز (FG) – نتائج جيدة نسبيًا، لكن بنسبة احتفاظ أقل.
-
فومارات الحديدوز (FF) و الحديد الكهروكيميائي (EI) – مشاكل في الثبات وتأثيرات طعم معدنية أو قابضة.
-
بيروفوسفات الحديديك (FPP) – ذوبان ضعيف وقابلية امتصاص محدودة.
وأثبتت اختبارات التذوق أن القهوة المدعمة بـ FSE احتفظت بعطرها ونكهتها وملمسها، بينما أكدت التحاليل الكيميائية (ATR-FTIR وGC–MS) أن التدعيم لم يؤثر على المركبات العطرية الرئيسية.
التحديات والآفاق المستقبلية
-
لون المسحوق: حاليًا بني اللون، ويجري العمل على تعديله ليناسب أغذية فاتحة اللون مثل الملح.
-
التكلفة: يجب الحفاظ على انخفاض التكلفة، خصوصًا في المنتجات الأساسية مثل الملح الذي يباع بسعر 0.20 – 1 دولار للكيلوغرام.
-
إمكانية التطبيق الصناعي: يخطط فريق MIT لتسويق القهوة والشاي المدعمين بالحديد واليود، بينما تقدم الدراسة الهندية خارطة طريق لتطبيق فوري في مصانع القهوة.
ويتوقع خبراء التغذية أن تمهّد هذه النتائج الطريق لاستراتيجيات تدعيم غذائي مخصصة لكل منطقة، مع إمكانية الجمع بين الحلول القائمة على الجزيئات الكريستالية في الحالات التي تتطلب ثبات عناصر متعددة، والمركبات المحسّنة مباشرة للقهوة في الأسواق المستهدفة.
الخلاصة: هذه التطورات قد تجعل فنجان القهوة الصباحي أكثر من مجرد وسيلة للاستيقاظ، ليصبح أداة فعّالة لسد أحد أهم فجوات التغذية عالميًا.