
فيتنام على أعتاب موسم قهوة مزدهر.. إنتاج أعلى وممارسات أكثر استدامة
هانوي – 15 سبتمبر 2025 – (قهوة ورلد) – تستعد فيتنام لموسم حصاد القهوة 2025/2026 بأجواء تفاؤلية، إذ تشير التقديرات الأولية إلى زيادة في الإنتاج وتحسن في الجودة، إلى جانب تقدم ملحوظ في برامج الاستدامة التي يجري تنفيذها في مختلف مناطق زراعة البن. ويؤكد خبراء محليون أن الظروف المناخية والممارسات الزراعية واستعدادات الامتثال التنظيمي تتكامل جميعها لتعزيز مكانة البلاد كأحد أبرز منتجي القهوة في العالم.
تشير التوقعات إلى أن إجمالي الإنتاج سيبلغ 29.65 مليون كيس، أي بزيادة قدرها 8.3% مقارنة بالموسم الماضي. ومن المتوقع أن يصل إنتاج الروبوستا، وهو الصنف الأكثر انتشاراً في فيتنام، إلى 28.34 مليون كيس (+7.4% على أساس سنوي)، فيما سيبلغ إنتاج الأرابيكا 1.31 مليون كيس، بارتفاع لافت نسبته 31.3%. وتعتمد هذه الأرقام على المسوحات الميدانية، حيث أكد المزارعون أن المحصول يتطور بشكل مستقر، مع دخول ثمار الروبوستا مرحلة النضج تدريجياً، واقتراب الأرابيكا من الحصاد.
الأمطار جاءت متوافقة مع المعدلات التاريخية، وهو ما يشير إلى أن توقيت الحصاد سيشابه العام الماضي: بدء حصاد الأرابيكا في منتصف سبتمبر، والروبوستا في منتصف أكتوبر، مع بلوغ الذروة في أوائل ديسمبر، واكتمال الموسم بنهاية يناير. وإذا استمرت الظروف الجوية الإيجابية، فمن المتوقع أن تتحسن جودة المحصول، مدعومةً بتوسع المزارعين في اعتماد الممارسات الزراعية الجيدة مثل التقليم وإدارة الظل وإزالة الأعشاب. كما يتزايد التحول من الأسمدة الكيميائية إلى السماد العضوي المصنوع من مخلفات القهوة، الأمر الذي يعزز جودة الكوب ويخفض التكاليف.
حتى الآن لم يتم الإبلاغ عن أي تحديات كبيرة. ويبدو أن التفاؤل يسود أوساط المزارعين والمنتجين، في ظل استمرار الأسعار المرتفعة ليس فقط للقهوة بل لمختلف المنتجات الزراعية، ما يضمن للمزارعين عوائد قوية للعام الثاني على التوالي، ويفتح المجال لمزيد من الاستثمارات في الممارسات المستدامة.
على الصعيد التنظيمي، يواجه القطاع مستجدات مهمة. فقد فرضت الحكومة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على تجارة القهوة، وهو ما يدفع الشركات للتعامل فقط مع الموردين الموثوقين والملتزمين باللوائح. أما على الساحة الدولية، فيدخل قانون الاتحاد الأوروبي لمكافحة إزالة الغابات (EUDR) حيز التنفيذ في 1 يناير 2026. ورغم أن موعد تطبيقه لم يحن بعد، فإن سلاسل التوريد الفيتنامية بدأت الاستعداد مبكراً من خلال تعزيز أنظمة التتبع وجمع البيانات على مستوى المزرعة.
الاستدامة أصبحت محوراً رئيسياً لعمل القطاع هذا الموسم. برنامج IMPACT المسؤول عن التوريد يواصل توسعه، حيث دخلت سلسلة توريد بوزن 4,000 طن متري في مقاطعة جيا لاي عامها الثاني من دورة التحقق، فيما تقدمت سلسلة أخرى بوزن 3,500 طن متري في مقاطعة لام دونغ إلى عامها الثالث. ووفقاً لما ذكرته نهو لي، منسقة الاستدامة في فيتنام، فقد تم رسم خرائط لأكثر من 80% من المزارع باستخدام نظام الخرائط متعددة الأضلاع، ارتفاعاً من 30% فقط في وقت سابق من هذا العام، استعداداً لـ EUDR ولدعم جهود الحفاظ على الغابات.
كما يشهد إنتاج الأرابيكا توسعاً ملحوظاً. ففي سون لا ولام دونغ، انضم أكثر من 1,500 مزارع عبر خمسة مصانع غسيل إلى البرامج المعتمدة من قبل RA و 4C و المنصة العالمية للقهوة (GCP). ويتلقى هؤلاء المزارعون تدريبات على الممارسات الزراعية المستدامة بما يتماشى مع المعايير الدولية، ما يعزز شبكة الموردين المسؤولين.
التدريب الميداني يحتل مكانة محورية في أجندة الاستدامة. فقد شارك أكثر من 1,500 مزارع في ورش عمل تفاعلية تناولت التسميد العضوي، إدارة المياه والأعشاب، المكافحة المتكاملة للآفات، وزراعة أشجار الظل. وتهدف هذه الورش إلى تمكين المزارعين من تطبيق هذه الممارسات مباشرةً في مزارعهم، ما يعزز المرونة على مستوى المزرعة والمجتمع.
ومن أبرز التطورات التحول التدريجي من الأسمدة الكيميائية إلى السماد العضوي المنتج من مخلفات القهوة. فقد تلقى نحو 500 مزارع تدريبات على إنتاج السماد العضوي من قشور القهوة الناتجة عن معالجة الروبوستا الطبيعية، وأنتجوا حتى الآن أكثر من 3,000 طن متري من السماد العضوي. هذا التحول يقلل الاعتماد على الكيماويات، يحسن صحة التربة، ويخفض الانبعاثات الكربونية.
كما حصل المزارعون على 47,000 شتلة من الأشجار المثمرة وأشجار الغابات، بهدف تنويع النظم البيئية المحلية وتحسين دخل الأسر من خلال إنتاج الفاكهة والأخشاب.
وفي مجال التربة والكربون، جمع الفريق الفيتنامي 475 عينة تربة لتقديم توصيات مخصصة حول الأسمدة تساعد في خفض التكاليف والحفاظ على الغلة وخفض الانبعاثات. في الوقت ذاته، يجري العمل على رسم خرائط للبصمة الكربونية عبر المشاريع الشريكة، على أن تُستخدم النتائج في صياغة استراتيجيات طويلة الأمد لخفض الانبعاثات ودعم الالتزام باللوائح الجديدة.
ومع استمرار تحسن الظروف المناخية، وتبني ممارسات زراعية أكثر استدامة، وتكثيف الاستثمارات في البرامج البيئية، فإن موسم حصاد 2025/2026 يتجه لأن يكون أقوى من حيث الحجم والجودة مقارنة بالعام الماضي. كما أن استعداد فيتنام المبكر للمتغيرات التنظيمية والتزامها المتزايد بالتوريد المسؤول يعزز من مكانتها كلاعب رئيسي في سوق القهوة العالمية.
مع انطلاق الحصاد خلال الأسابيع المقبلة، تترقب الأوساط الزراعية والتجارية نتائج هذه الجهود المشتركة، التي من المتوقع أن تنعكس على كل من زيادة الغلة وتحسين الجودة النهائية للكوب. ويبدو أن قصة القهوة الفيتنامية في موسم 2025/2026 هي قصة نمو ومرونة واستعداد للتحديات والفرص المقبلة.