“مدينة قهوة”: صناعة القهوة بلمسة إنسانية

شاهدتها لأول مرة في معرض عالم القهوة دبي 2024 ، لم تتح لي فرصة الحديث معها لأنها بدت لي مشغولة جدا وهي تركض بين أروقة المعرض ، لكن ابنتي نجحت في الحديث إليها، وأخذت رقمها ، فكان لقاؤنا الأول بعد انتهاء المعرض في السركال أفينيو بدبي ، وعلى كوب من شاي الماتشا تجاذبنا أطراف الحديث .

لم أكن أعرف مدينة إلياس ولكن اسم مقهاها التجاري ” مدينة قهوة” كان جاذبا بالنسبة لي ، سألتها من أنتي؟ أجابت أنا سيدة من كازخستان تزوجت من رجل عماني وانتقلت للعيش معه في سلطنة عمان، ذات مرة وبعد اندلاع الحرب في اليمن البلد المجاور لسلطنة عمان ، تلقيت اتصالات من صديقاتي يسألني عن الأوضاع في اليمن .. لم تكن لدي أدنى فكرة عما يجري ، لكنني علمت منهن أن هناك حرباً وأنها تؤثر على الأطفال لدرجة أنهم يموتون جوعا، بدأت أفكر .. كيف يمكنني مساعدة هؤلاء .. بحثت عن اليمن فوجدت أنه أصل القهوة ومنه انطلقت القهوة إلى العالم . فقلت في نفسي إن الطريقة المناسبة لدعمهم هي عبر دعم زراعة وتجارة البن في اليمن.

تقول مدينة: ” بدأت بمنتدى إنساني في مسقط حيث كانت تجتمع بعض النسوة لبحث كيفية مساعدة اليمن وتوسع المنتدى وجمعنا مبالغ جيدة ، وأرسلناها ، ثم ولدت في رأسي فكرت عملاً تجارياً يمكن من خلاله توفير دعم مستدام فكانت ” مدينة قهوة” .. هو مشروع تجاري فعلا لكن بأبعاد إنسانية.

بعدها انطلقت في رحلة البحث عن القهوة في مختلف أنحاء الجزيرة العربية وجمعت نحو 700 وصفة للقهوة العربية أصدرت 10 منها في كتاب بعنوان “فن القهوة العربية”،في هذا الكتاب تنطلق الكاتبة مدينة إلياس، خبيرة القهوة ومؤسسة ” مدينة قهوة” ، في رحلة رائعة لاستكشاف التراث الثقافي الغني للقهوة العربية الأصيلة .

تقول مدينة هل تعلم أن زراعة وتحميص وتحضير القهوة كانت في الأصل رائدة ومتقنة في شبه الجزيرة العربية؟ في الواقع، القهوة العربية ليست مجرد مشروب – إنها مؤسسة ثقافية في حد ذاتها وحجر الزاوية في الضيافة الشرق أوسطية الشهيرة.

مع تاريخ يمتد لمئات السنين في الشرق الأوسط، فقد تم تناقل ثروة التقاليد الشفهية والتراث الثقافي غير المادي المحيط بطقوس تحضير القهوة وتقديمها عبر أجيال عديدة.

تقول مدينة: “عندما زرت عمان للمرة الأولى، تعرفت على القهوة العربية الأصيلة.

لقد كان حبًا حقيقيًا من أول رشفة. لقد أذهلني المذاق، ولكن أيضًا أثار اهتمامي الاحتفاء والثقافة والبراعة الفنية المتفانية في إعداد فنجان القهوة المثالي.

  كانت مدينة إلياس في رحلة متواصلة خلال الخمسة عشرة عامًا الماضية لإجراء بحث مكثف للحصول على فهم متعمق لطقوس وتقاليد تحضير القهوة العربية وتقديمها وشربها.قامت بتوثيق وجمع المئات من وصفات القهوة من جميع أنحاء المنطقة العربية.

وهي تشارك أسرارها الخاصة في تحضير القهوة – بما في ذلك الوصفات الفريدة التي قد تشمل الهيل أو اللبان أو الزعفران لتحضير قهوة عربية غنية ولذيذة بشكل لا يصدق.

يتضمن كتاب “فن القهوة العربية”  نبذة مختصرة عن تاريخ القهوة العربية ويعرّف بالثقافة العربية وكرم الضيافة بما في ذلك عادات وآداب تقديمها وشربها بالإضافة إلى بعض الأفكار الرئيسية عن عالم القهوة العربية ومكوناتها وفوائدها الصحية الهامة.

هناك العديد من الروايات المسلية في الكتاب. إحدى الحكايات تدور حول راعي ماعز إثيوبي يُدعى كالدي، لاحظ أن حيواناته أصبحت مضطربة بعد تناول بعض أنواع التوت – ووفقًا لهذه الرواية، أدت هذه الملاحظة إلى اكتشاف القهوة. ويقول البعض إن القهوة نشأت في الحبشة، إثيوبيا الحديثة.

ويعتقد أيضًا أن القهوة تم استهلاكها لأول مرة في منتصف القرن الخامس عشر من قبل الرهبان الصوفيين في اليمن الذين شربوها للبقاء مستيقظين أثناء التأمل في وقت متأخر من الليل. بدأت القهوة بالانتشار في الإمبراطورية العثمانية وافتتحت المقاهي في إسطنبول في منتصف القرن السادس عشر.

ساعدت التجارة من شركة شرق الهند الإنجليزية والهولندية في نقل القهوة على مستوى العالم.

هذا الكتاب الخفيف والرائع والعميق، يجب قراءته لمحبي القهوة في جميع أنحاء العالم وسيكون بمثابة الأساس المثالي لبدء علاقة أزلية مع القهوة العربية اللذيذة.

 تسعى مدينة إلياس الآن لافتتاح أول مقاهيها في دبي وتعتزم توسيع نشاطها في السوق الإماراتية وفي غيرها من أسواق المنطقة .

نشر في :