سلسلة مقاهٍ صينية تواجه انتقادات حادة بسبب اسم «مقهى الشعب» وتعتذر رسميًا
بكين – قهوة ورلد
أثارت سلسلة مقاهٍ صينية جدلاً واسعاً بعدما وُجهت إليها انتقادات من وسائل الإعلام الرسمية لاستخدامها اسم «مقهى الشعب»، وهو مصطلح يرتبط بشكل وثيق بالهوية السياسية والاجتماعية في الصين.
تعود ملكية المقهى إلى شركة «ياو تشاو» (Yao Chao) للاتصال الثقافي في شنغهاي، وقد اشتهر بفروعه ذات الديكور الأحمر الزاهي والنجوم المضيئة والخطوط المستوحاة من كتابة الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ. لكن ما بدا في البداية أسلوباً تصميمياً جريئاً تحوّل إلى جدل واسع، بعدما انتقدت صحف كبرى مثل «صحيفة الشعب» و«تشاينا ديلي» استخدام كلمة «الشعب» في علامة تجارية ربحية.
وتحمل الكلمة في الثقافة الصينية دلالات رمزية قوية، فهي جزء من اسم الدولة الرسمي جمهورية الصين الشعبية، كما تُستخدم في مؤسسات حكومية كـ جيش التحرير الشعبي وبنك الشعب الصيني. واعتبرت صحيفة الشعب أن هذا المصطلح يجسد «القيم الجماعية والمشاعر الوطنية»، مؤكدة أنه «لا يجوز تدنيسه أو تحويله إلى وسيلة دعائية تجارية».
وقد أطلقت السلسلة شعارات مثل «احكِ قصة الصين مع القهوة»، وظهرت مشروباتها مزينة بكلمة «الصين» على سطحها، ما أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما رأى البعض في الفكرة مظهراً من الفخر الوطني، اعتبر آخرون أنها تجاوز للحد الفاصل بين الهوية السياسية والتسويق التجاري.
وأصدرت الشركة بعد ذلك بياناً رسمياً اعتذرت فيه للجمهور قائلة: «نتقدم بخالص الاعتذار لكل من شعر بعدم الارتياح. وبعد مراجعة داخلية قررنا إعادة الاسم الكامل المسجل قانوناً – ياو تشاو مقهى الشعب – لجميع الفروع داخل البرّ الرئيسي الصيني». وأوضحت الشركة أن هذا التعديل سيشمل نحو 30 فرعاً في 18 مقاطعة، بينما ستحتفظ الفروع في هونغ كونغ وماكاو والخارج باسم «مقهى الشعب».
وأثارت الخطوة نقاشاً واسعاً على منصة «ويبو» الصينية، إذ كتب أحد المستخدمين: «إنه مجرد مقهى، لكنه استخدم كلمة شديدة الحساسية»، فيما تساءل آخرون عمّا إذا كان استخدام هذا المصطلح في العلامات التجارية قد يشكل مخالفة قانونية.
وتأتي هذه الحادثة في ظل ازدهار غير مسبوق لسوق القهوة في الصين، حيث تتوسع علامات محلية كـ لاكِن كوفي وكووتي كوفي بسرعة لافتة، مما يضع ضغوطاً متزايدة على العلامات الأجنبية مثل ستاربكس. ومع اشتداد المنافسة، أصبحت الهوية البصرية والسرد التسويقي أدوات رئيسية للتميّز في السوق، غير أن حادثة «مقهى الشعب» أظهرت أن الإبداع التجاري في الصين يجب أن يراعي الحساسية الثقافية والسياسية في آن واحد.
واختتمت صحيفة الشعب تعليقها بعبارة لافتة: «يمكن للتسويق أن يكون مبتكراً، لكنه لا ينبغي أن يتجاوز الخط الأحمر».


