
نيبال تفتح قلبها للقهوة.. من بلد الشاي إلى ثقافة المقاهي الحديثة
كاتماندو – 25 يوليو 2025 (QW) — في بلدٍ يُعد الشاي جزءًا من الهوية اليومية، حيث يُستهل الصباح بعبارة “هل شربت الشاي؟” بدلاً من “كيف حالك؟”، بدأت القهوة في شق طريقها بهدوء، لكنها باتت تترك بصمتها الواضحة.
لطالما اشتهرت نيبال بإنتاجها لشاي الهيمالايا الفاخر، حيث يُقدَّم مشروب الشاي الحلو بالحليب في كؤوس زجاجية ساخنة كطقس اجتماعي لا غنى عنه. لكن في السنوات الأخيرة، بدأ مشهد المقاهي المزدهر في المدن والبلدات يعكس تحوّلًا في الذوق العام.
البداية كانت في التسعينيات
دخلت القهوة إلى الثقافة النيبالية في التسعينيات، ويُعتبر غاغان برادهان، مؤسس سلسلة هيمالايا جافا، أحد رواد هذا التحول. فبعد أن افتتح أول مقهى صغير في زقاق بكاتماندو، توسعت السلسلة لتضم 84 فرعًا في مختلف أنحاء البلاد.
وقال برادهان: “محلات الشاي منتشرة في كل مكان، لكنها ما زالت تقليدية. أما مقاهي القهوة فهي أكثر حداثة واهتمامًا بالتفاصيل: من الإضاءة إلى الأثاث والموقع.”
ويُقدّر أن عدد المقاهي في النيبال يبلغ حاليًا حوالي 7,000 مقهى، رغم أن علامات تجارية عالمية مثل “ستاربكس” لم تدخل السوق بعد.
القهوة كرمز لنمط حياة
ورغم أن القهوة لا تزال تُعتبر مشروبًا فاخرًا في النيبال — إذ يبلغ سعر الكوب الواحد نحو 2 دولار، أي ما يعادل وجبة كاملة أو خمسة أكواب من الشاي — إلا أن الإقبال عليها في ازدياد. إذ تعجّ المقاهي بموظفي المكاتب خلال الاستراحات، والطلاب الذين يتخذون من المقاهي أماكن للمذاكرة.
يقول ديب سينغ بنداري، وهو ناشط اجتماعي وأحد روّاد المقاهي المنتظمين: “في البداية، اعتقد الناس أن شرب القهوة يرفع من مستواهم المعيشي. لكن بعد تذوقها، أعجبهم طعمها، وأصبحت عادة يومية لدى الكثيرين.”
من الاستيراد إلى الإنتاج المحلي
ورغم أن معظم القهوة المستهلكة في نيبال مستوردة، إلا أن مزارع القهوة بدأت تظهر في المناطق الجبلية الشرقية الشهيرة بإنتاج الشاي.
وبحسب المجلس الوطني لتطوير الشاي والقهوة، بلغ إنتاج القهوة في السنة المالية 2021-2022 حوالي 400 طن، وهو رقم ضئيل مقارنة بإنتاج الشاي البالغ 26,000 طن لنفس الفترة، إلا أن المجلس يتوقع نموًا سريعًا في السنوات القادمة.
يقول برادهان: “الشباب وكبار السن في النيبال يحبون القهوة، وعدد عشّاقها يزداد يومًا بعد يوم. هذا التوجه سيستمر في التصاعد.”
موجة آسيوية متصاعدة
تشهد نيبال تحولًا مشابهًا لما يحدث في العديد من دول آسيا التقليدية في شرب الشاي، مثل الهند وفيتنام والصين، حيث أصبح شرب القهوة جزءًا من نمط الحياة الحضري الجديد، المدفوع بصعود الطبقة المتوسطة وتأثرها بالثقافة العالمية.
ومع تزايد عدد الشباب في النيبال وتوسع ثقافة المقاهي، يبدو أن البلد يسير بخطى واثقة ليكون لاعبًا بارزًا في قصة القهوة جنوب الآسيوية.