رشفة بطعم الشغف: رحلة وقار الحمادي نحو التميز في صناعة القهوة المختصة

في عالم تحركه رائحة القهوة المختصة، نلتقي مع وقار الحمادي، الشابة الإماراتية التي بدأت رحلتها إلى عالم القهوة المختصة وسط تحديات أزمة كورونا. بدءًا من الفوز ببطولة الإمارات للإيروبريس في عام 2022 وحتى احتلالها المركز الرابع عالميًا، تشاركنا وقار أفكارها حول رحلتها في صنع القهوة والنكهات المميزة التي تميز القهوة المختصة. انضم إلينا ونحن نتعمق في تجاربها والتحديات التي واجهتها والنجاح الجميل الذي حققته من خلال الإصرار والشغف.

هل يمكنك أن تخبرنا عن رحلتك في عالم القهوة المختصة؟ ما الذي ألهمك لمتابعة مسار مهني في هذا المجال؟

رحلتي مع القهوة المختصة بدأت خلال أزمة كورونا و كان مقتصراً على قهوة V60و لكن كشغف و حب و تعمق أكثر بدأ الأمر بعد فوزي في بطولة الإيروبريس عام 2022، تلك كانت بداية الرحلة في تطوير ذائقتي و تجربة العديد من أنواع القهوة للتقطير.

ما الذي تعتقدين أنه يميز القهوة المختصة عن القهوة العادية؟

هناك العديد من الاختلافات مابين القهوة العادية و القهوة المختصة أبرزها المذاقات و التوافر و الرائحة ولا ننسى بروز النكهات فيها . كمتذوقة قهوة بالنسبة لي أفضل شرب القهوة اللتي تكون مثل الشاي – خفيفة لطيفة فيها حلاوة و حمضيه و هذا ما تفتقر إليه القهوة العادية ( التجارية ).

وقار .. أنت بطلة الإمارات للآيروبس وأيضا فزتي بالمركز الرابع عالميا بذات البطولة هل يمكنك مشاركة بعض الرؤى حول تدريبك واستعداداتك لهذه البطولات؟

منذ فوزي في بطولة الإمارات للأيروبس واجهتني العديد من التحديات و ذلك بسبب عدم توافر الخبرة الكافية ، فقد تعرفت على أداة الآيروبس قبل أن أشارك في بطولة الامارات للايروبريس بأسبوعين فقط . . لم تكن لدي أية خبرة في الوصفات ، أو النكهات .. قدمت لي صديقتي نصيحه كون لديها خبرة في مجال القهوة المختصة كانت هي سبب الفوز لقد قالت لي: ” يجب أن تقدمي للحكام القهوة التي تحبين أن تشربيها كل يوم “. و الحمدلله أخذت بنصيحتها و من ثم ذهبت للمسابقة . .. لم يكن أحد يعرفني في مجتمع القهوة ، ولم أكن أعرف أحد كذلك ، كنت واثقه من نفسي و من قدراتي و الحمدلله و بتوفيقه حصلت على المركز الأول على إمارة دبي و الأول على مستوى دولة الإمارات .

 ما التحديات التي واجهتها في بطولة العالم للآيروبرس ، وكيف تمكنت من التغلب عليها؟

كانت أهم الصعوبات التي واجهتني في بطولة العالم للأيروبرس هي أنه لم يكن لدي أي داعم ولا أي ممول ولا أي مدرب , و لم يكن لدي أي مكان اتدرب فيه ، و بالإضافة إلى ذلك فلم يكن لدي أشخاص لتجربة الوصفات .. الرحلة كانت مليئة بالتحديات و لكنني اصريت على تحقيق هذا الحلم.. ٠ بالطبع هناك أناس ساندوني و ساعدوني و كانوا جزءاً من هذا النجاح لايمكنني نسيانهم ، و لكن الإصرار الحقيقي كان نابع من نفسي أنا وقار الحمادي .. ورحلتي للمشاركة في البطولة كانت مليئة بالتحديات .. فقد تم إلغاء تذكرة السفر المباشرة  بسبب عدم وجود تأشيرة دخول إلى أمريكا ، و اضطررت لشراء تذكرة أخرى إلى كندا ومنها إلى أمريكا.. كانت رحلة شاقة استمرت لأكثر من 21 ساعة لكنني وصلت وحققت حلمي.

ما هي النصائح التي يمكنك تقديمها للطامحين بالمشاركة في بطولات القهوة ولمن يرغبون بتحسين مهاراتهم في صنع القهوة؟

نصيحتي هي أن يثقفوا أنفسهم بالممارسة و القراءة و دراسة العديد من التجارب و تجربة العديد من الوصفات و الأهم من ذلك كله أن يكونوا واثقين في أنفسهم و في قدراتهم.

أصبحتِ قاضية (حكم) في العديد من مسابقات القهوة. كيف تقومين بالتحكيم وما هي المعايير التي تبحثين عنها في كوب القهوة الفائز؟

معايير التحكيم تختلف وفقا لنوع المسابقة – فمثلا هناك مسابقات لها معايير محددة ،ويتم التقييم على أساس تلك المعايير مثل بطولات الباريستا، أما بطولات الآيروبريس فإنها تعتمد على ذائقة الحكم نفسه .. بالنسبة لي فإنني أبحث في الكوب الفائز عن معايير تكون من قوام القهوة ، كما أن لبروز النكهات دور مهم عندي ، و أفضل أن تكون الحلاوة طاغية ..

ما الذي تجدينه مثيرًا ومجزيًا بشكل خاص في كونك قاضية للقهوة؟ هل هناك لحظات مميزة تتذكرينها خلال تجربتك كقاضية؟

في كل تجربة هناك ذكريات جميلة و ممتعة و استفيد منها، من خلال مشاركة الخبرات و التجارب سواءً مع الحكام أو المتسابقين إلا انني أستمتع حقاً بمشاركتي للحلوى gum الحامضة مع الحكام و المشاركين .. و في كل مرة أقوم بتوزيع الحلوى ونطلق عليها calibration

في صناعة القهوة المختصة، كيف تبقين نفسك حاضرة ومتابعة لأحدث الاتجاهات والابتكارات؟

أحب أن أطور مهاراتي و خبراتي من خلال القراءة ،وحضور المعارض و الورش ، وأحب أن أطلع على كل ما هو جديد من أدوات و معدات، ليس فقط تلك المعنية بالقهوة المختصة ، وفي صناعة القهوة المقطرة فقط، بل في التحميص و حتى الأسبريسو وغيرها.

هل يمكنك مشاركة بعض الاتجاهات أو التطورات الرئيسية التي لاحظتها في عالم القهوة المختصة ، خصوصا في الإمارات والمنطقة الخليجية؟

أرى تطوراً واسعاً في مجال القهوة، ولا يقتصر هذا التطور على المقاهي فقط، بل يمتد ليشمل مرتادي المقاهي ، لقد أصبح الناس على درايه بعلم بالقهوة المختصة ، و كيفية تذوقها ، و ماهي المحاصيل التي تناسبهم . كم يسعدني أن أرى أشخاصاً لديهم شغف و حب للتعلم والاستكشاف ، يمكنك ملاحظة ذلك من خلال إقبال العديد من معدي القهوة في المنازل على الإقبال على المشاركة في المسابقات المختلفة.

 ما هي طريقة تحضير القهوة المفضلة لديك، ولماذا تستمتعين بها كثيرًا؟

بالنسبة لي .. كانت أداة  V60 هي المحببة إلي و لكن بعد أن جربت أداة الآيروبريس، وبعد فوزي بالبطولة أصبحت تلك هي الأقرب إلى قلبي .. استمتع فيها لأنها في كل رشفة تذكرني بإنجازي و طموحي و شغفي ، بالإضافة إلى بروز النكهات فيها ، و لأنها أداة ليس لها أي حدود، و لا أي قوانين للمعايير المستخدمه ، و لأنها أداة حساسة جدا ، فإذا حدث أي تغيير بسيط في أي من المعايير فمن الممكن أن يختلف الطعم تماماً.. لكل ذلك فأنا استمتع في كل مرة أعد فيها أي وصفة .

ما مدى أهمية الاستدامة والالتزام الأخلاقي في صناعة القهوة المختصة، وما الخطوات التي يمكن للمستهلكين اتخاذها لدعم هذه الممارسات؟

لقد أوليت اهتماماً كبيراً في محمصتي ” ريلام ” لعدة قيم تركز على تنمية المجتمع والتعليم الجيد و الاستدامة، من خلال ربطها مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة فعلى سبيل المثال:

• الهدف 4 التعليم الجيد من خلال تنظيم فعاليات أو ورش عمل تعليمية لرفع مستوى الوعي حول القهوة واستهلاكها وتأثيرها على البيئة والمجتمع.

• الهدف 12 : الاستهلاك والإنتاج المسؤول و هذا من أهم الأهداف في إدارة النفايات والمنتجات البلاستيكية ، حيث نقوم بإعادة علب الماء البلاسيكية المستخدمة لإعداد القهوة من خلال التعاون مع عدد من الشركات ، كما نقوم بتدوير العلب إلى منتجات استهلاكيه مثل الملابس و الحقائب. كما نقوم باستخدام مواد تغليف صديقة للبيئة وقابلة لإعادة التدوير لتقليل التأثير البيئي مثل علبة القهوة للـ 40 غراماً، حيث يمكن لمحبي القهوة استخدامها لتخزين القهوة و بالإضافة إلى ذلك يمكنهم الحاقها في مطحنه ، كما أقوم بتشجيع العملاء على استخدام أكواب القهوة القابلة لإعادة الاستخدام

• الهدف 13 (العمل المناخي) : نقوم في “ريلام” باستخدام معدات التحميص صديقة للبيئة و موفرة للطاقة تقلل من الانبعاثات وثاني أكسيد الكربون

• الهدف5 (المساواة بين الجنسين. ) تمكين الفتيات و الشباب في مجال القهوة المختصة من خلال تطوير مهاراتهم و دعم خبراتهم من خلال الورش و الدورات التدريبة.

• الهدف 17 (شراكات لتحقيق الأهداف) التعاون مع الهيئات و الجهات الحكومية والمنظمات غير ربحية و المشاريع التجارية في مجال القهوة المختصة بحيث تبادل الخبرات،و المعرفة.

ما هي المشاريع المستقبلية التي لديك في مجال القهوة والتي تشعرين بالحماس لتحقيقها؟

أطمح حقاً لتطوير مهاراتي في مجال القهوة الخضراء و التحميص أيضاً كما أن لدي شغف كبير في المشاركة في بطولات brewercup

هل يمكنك أن توصي بأي مصادر أو كتب أو دورات للأشخاص الذين يبحثون عن تعلم المزيد حول فن تحضير وتقدير القهوة المختصة؟

انصح بكتاب القهوة المختصة للمعلم و الأستاذ علي الديواني بالإضافة إلى الدورات التي تعدها الجمعية العالمية للقهوة المختصة .

كإمرأة في مجال تقليدياً مهيمن عليه من قبل الرجال، هل واجهتِ تحديات فريدة أو تجارب خاصة، وكيف تعاملتِ معها؟

بالعكس لقد تلقيت الدعم من الجميع – الأهل و الأصدقاء و حتى من أشخاص لا أعرفهم .. ومع ذلك فإن أكثر ما كان يعرقلني أو يحد من شغفي هو تلك الفئة من الناس الذين يقللون من شأنك ، وينظرون إلى سنوات الخبرة .. بالنسبة لي فإن التجارب، وحب الاستكشاف هي من تصنع الفرد و تبقيه على خط طموحه. وأكبر مثال على ذلك أنني وخلال أسبوعين فقط حصلت على المركز الأول على دبي و الأول على الإمارات و في شهرين فقط حصلت على المركز الرابع على العالم في بطولة الآيروبرس .

مازلت أتذكر ماحدث لي في سفرتي إلى الولايات المتحدة ، فقد أُلغيت رحلتي بسبب عدم توافر تأشيره دخول للولايات المتحدة، ولأنني كنت أرغب بالمشاركة في البطولة العالمية ، فقد كان لابدأن  حجز تذكرة جديدة إلى كندا و من ثم أستقل طيران داخلي إلى فانكوفر، في رحلة مدتها 21 ساعة ، بدلا من 15 ساعة لو كان بإمكاني السفر إلى أمريكا مباشرة . تكلفة الرحلة بلغت أضعاف التذكره الملغية ( أتذكر في ذلك الوقت أنني اتصلت بالأستاذ غارفيلد صاحب كافيه موخا 1450، و أتذكر ما قاله لي في ذلك الصباح بعدما شرحت له الوضع.. لقد قال لي: ” وقار أحجزي التذكرة ، و أنا سوف أسترد لك ثمن التذكرة الملغية.. كلنا معك.. نحن معك “.

ماهي نصيحتك لشخص مهتم ببدء عمله الخاص في مجال القهوة ، خصوصا في الإمارات؟

نصيحتي هي ” ثق بنفسك ، ثق بقدراتك ، و بشغفك … لا يوجد مستحيل عش كل تجربة بحذافيرها .. و استمتع بكل لحظة و بكل رشفه “.

نشر في :