مجتمع القهوة في الإمارات: نظرة إلى 2023 وتطلع لعام 2024

تزدهر ثقافة القهوة وصناعتها في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتنمو بوتيرة عالية، تماما كما هو الحال في باقي القطاعات الاقتصادية، غير أن ما يميز هذا القطاع هو أنه يستند على المكانة التاريخية للقهوة كمشروب ومكانتها بالنسبة للجمتم الإماراتي، ذلك أنها ظلت وماتزال رمزا للكرم والجود، وتقليد من أبرز تقاليد الضيافة التي تتناقلها الأجيال، ولذلك فلاعجب أن نشاهد مجتمع وثقافة وصناعة القهوة في الإمارات أبعادا جديدة.

وفي هذا الفضاء الزاكي لثقافة القهوة في دولة الإمارات، يتكشف عام 2023 باعتباره عام التحول والاستمرارية، مع دخول عوامل جديدة وفعالين جدد في هذا الفضاء.

ونحن نودع العام 2023، ونستقبل 2024، توقفنا في موقع “عالم القهوة” في محاولة لرصد مشهد مجتمع القهوة في الامارات خلال العام المنصرم واستقراء الاتجاهات المستقبلية خلال العام القادم، من خلال استضافة اثنين من أبرز الخبراء في هذا القطاع والذين قدما لنا قراءة مميزة للمشهد المنصرم والقادم، من خلال مشاركة وجهات نظرهما، وتقديم نظرة شاملة للاتجاهات والتحديات والابتكارات التي تشكل صناعة القهوة في دولة الإمارات العربية المتحدة.ضيفانا هما لامين عبد الملك، الرئيس التنفيذي لشركة الإدارة الصادقة ومؤسس مقهى الـ 100فكرة، وفيديريكو أورتيل، المدير التنفيذي لمؤسسة سيمونيلي في الشرق الأوسط

في توصيفه للمشهد العام في قطاع القهوة في الإمارات لامين عبد الملك ارتفاعًا مثيرًا للاهتمام في عدد المقاهي التي تدعي أنها تقدم القهوة المختصة، مصحوبًا بارتفاع الأسعار وارتفاع ملحوظ في المقاهي الجديدة المنتشرة في المشهد الطبيعي.

وفي حين لم يلاحظ لمين عبدالملك أية تحولات في تفضيلات المستهلك لأنواع القهوة أو طرق تضيرها، فقد أكد أن تفضيلات المستهلكين ثابتة، حيث يواصل كل من الشباب والأجيال الأكبر سناً علاقتهم الغرامية بالقهوة.

وفي ظل سطوع نجم الابتكار والتكنولوجيا، يلاحظ لامين عبد الملك تحولًا طفيفًا في اعتماد التكنولوجيا حيث تختار بعض المقاهي طريقة تحضير القهوة على دفعات وطرق الصب الأوتوماتيكية، مما يؤثر على وتيرة استهلاك القهوة.

ويرى لامين عبد الملك، أن جهود الاستدامة ماتزال غير كافية، فلم يلاحظ سوى شركة واحدة هي شركة “شيفرة” تقوم بخطوات واسعة في هذا المجال من خلال استخدام الألواح الشمسية للتحميص، مما يجعل إنتاج القهوة أكثر مراعاة للبيئة قليلاً.

وعن التحديات والفرص في هذا القطاع يكشف لامين عبد الملك عن نقص الشفافية في تحديد المصادر، والصراعات المالية بين المقاهي مشددا على الحاجة إلى تعزيز الفطنة التجارية بين خبراء صناعة القهوة. ومع ذلك، تكمن ضمن هذه التحديات فرص – إمكانات غير مستغلة في التدريب المناسب على الأعمال، وتشجيع اتباع نهج أكثر توجهاً نحو الأعمال بين خبراء صناعة القهوة، والترويج للقهوة المختصة في مؤسسات الطعام الراقية.

واستبعد لامين عبد الملك أي تأثير للأحداث العالمية والتحولات الاقتصادية وقضايا المناخ على صناعة القهوة المحلية.

ويرى لامين عبد الملك وجود زيادة في الأنشطة المتعلقة بالقهوة، في الإمارات ومع ذلك فإن الوعي المتولد داخل مجتمع القهوة يبدو غير كافٍ للوصول إلى المجتمع الأوسع.

وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع عبد الملك أن ارتفاع الأسعار وتغير المناخ سيؤثران على أسعار القهوة، ومع ذلك فهذه هذه التحديات قد توفر فرصا لشركات القهوة للاستثمار بشكل أكبر في مصادر القهوة – والتحرك أكثر نحو التجارة المباشرة، وبناء العلاقات مع المزارعين، وتثقيف العملاء حول مصادر القهوة الخاصة بهم.

من جانبه وفي توصيفه لمشهد القهوة في الإمارات، يلاحظ فيديريكو أورتيل، المدير التنفيذي لشركة “سيمونيلي ” في الشرق الأوسط، تحولًا ملحوظًا في تفضيلات المستهلكين، خاصة بين الشباب، الذين يركزون على الأساليب المبتكرة في التحضير والقهوة المنكهة. ويرى فيديريكو أورتيل أن الشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة، لهم ميولات رقميًة وأنهم يقودون الطريق في تحديد اتجاهات جديدة، لذا فقد أصبح التسليم عبر الإنترنت والمطابخ السحابية والمتاجر المظلمة اتجاهات قوية.

كما أن المقاهي من جهتها تتبنى استراتيجيات خاصة بالمشروبات، تجمع بين التكنولوجيا والشغف لدفع ثقافة القهوة المتطورة، مع التركيز المتزايد على خدمة الطلب من السيارة.

وفي يخص الابتكار والتكنولوجيا، يسلط فيديريكو أورتيل الضوء على الخطوات التكنولوجية الهامة في مجال إنتاج القهوة، مشيرا إلى بعض الابتكارات مثل “PureBrew” من شركة” فيكتوريا أردوينو”، والتي تقوم بالتبديل بسلاسة بين الإسبريسو والقهوة المفلترة بلمسة زر واحدة

، تمثل ثورة حقيقية، كما أنه لم يتم تجاهل تقنية تبخير الحليب، مع تقنية Easy Cream، تعمل عصا البخار على تبسيط العملية وضمان السلامة، بطريقة استخلاص ثلاثية المراحل باستخدام ترددات ضغط الماء النابضة. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت تطورات في مجال تبخير الحليب باستخدام عصا البخار بتقنية Easy Cream، التي طورتها شركة Nuova Simonelli.، تعمل هذه التقنية الحاصلة على براءة اختراع على تبسيط وتوحيد عملية تبخير الحليب، مما يسمح لصانعي القهوة ببرمجة درجة حرارة الحليب وكثافته. علاوة على ذلك، تضمن ميزة اللمس البارد السلامة وتمنع حرق اليدين أثناء التشغيل.

وعن الفعاليات والمساهمات المجتمعية في تطوير ثقافة القهوة في دولة الإمارات، يؤكد فيديريكو أورتيل، أنه وخلال العام 2023، شهدت الإمارات العديد من الفعاليات الهامة المتعلقة بالقهوة وأنشطة المشاركة المجتمعية، مما ساهم في تعزيز مجتمع القهوة القوي بالفعل، حيث ساهمت الأحداث البارزة مثل معرض” عالم القهوة دبي 2023”، والعرض الترويجي لـPure Brew” الذي نظمته شركة” فيكتوريا أردوينو” Black Eagle Maverick ، في ترسيخ ثقافة القهوة، فتلك الفعاليات لا تعمل على تعزيز المنافسة الصحية فحسب، بل توفر أيضًا منصات لتبادل المعرفة وتعزيز المهارات والاحتفال بثقافة القهوة. وتعزز مثل هذه الأنشطة مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز حيوي لعشاق القهوة ومحترفيها على حد سواء.

ومع الإطلاق المرتقب لمختبر الخبرة في القوز، تهدف فيكتوريا أردوينو إلى تعزيز ثقافة القهوة من خلال تنظيم الفعاليات التعليمية، لتصبح نقطة مرجعية لتعزيز التفاعل والمعرفة ونقل قيمنا وحمضنا النووي والتكنولوجيا إلى الأجيال القادمة في المنطقة. دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة.

وعن توقعاته للعام 2024، يتوقع فيدريكو أورتيل أن تشهد صناعة القهوة في دولة الإمارات العربية المتحدة في العام المقبل اتجاهات وتطورات جديدة. مؤكدا على أنه مع التحول الرقمي وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح مجتمع القهوة مترابطًا بشكل متزايد، ويتجاوز الحدود الجغرافية. ويعمل هذا الاتصال العالمي على تعزيز الاتجاهات المشتركة التي توحد عشاق القهوة في جميع أنحاء العالم.

علاوة على ذلك، تعمل مبادرات عالم القهوة عبر القارات على تعزيز الشمولية، مما يسمح للمجتمعات المتنوعة بالمشاركة بنشاط. يعد هذا النهج الشامل مفيدًا في تشكيل مستقبل الصناعة وتعزيز التعاون والخبرات المشتركة.

وسيلعب التعليم دوراً محورياً في كسر الحواجز وتوحيد المجتمعات. إن التركيز على تعليم القهوة، والذي يتمثل في منصات مثل مركز معرفة القهوة عبر الإنترنت ومختبراتنا التجريبية، يستعد لدفع الصناعة إلى الأمام، وتسهيل رحلة جماعية نحو مستقبل جديد.

وبينما نختتم هذا العرض لمشهد القهوة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن النسيج الذي يتكشف هو نسيج من التباين والتقارب. حيث تتعايش تحديات الشفافية والربحية مع وعود الابتكار التكنولوجي ومجتمع القهوة العالمي المتنامي. ويبدو أن المستقبل هو مزيج من التقاليد والابتكار، حيث لا تتجاوز رائحة القهوة الأجيال فحسب، بل الحدود الجغرافية، وتوحد المتحمسين في رحلة جماعية إلى العصر التالي لثقافة القهوة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

نشر في :