افتتاح أول متحف للقهوة التركية في أنقرة.. رحلة تراثية تبدأ من فنجان وتنتهي في الذاكرة
أنقرة – 5 أغسطس 2025 (قهوة ورلد) – افتُتح في قلب العاصمة التركية أنقرة أول متحف مخصص بالكامل للقهوة التركية، بمبادرة من الشاب التركي مُجاهد تشلبي (29 عامًا)، الذي كرس خمس سنوات من حياته في تجميع مقتنيات نادرة من مختلف المدن التركية، بهدف الحفاظ على تراث القهوة التركية ونقله للأجيال القادمة.
يقع المتحف داخل قلعة أنقرة التاريخية، ويضم أكثر من 100 قطعة أثرية تسرد حكاية القهوة التركية منذ دخولها الدولة العثمانية وحتى اليوم. من بين أبرز المقتنيات: مطاحن قهوة تعود للقرنين السادس عشر والسابع عشر، و150 فنجان قهوة تاريخي، وأدوات تقليدية لتحضير القهوة كانت مستخدمة في الأناضول خلال العهد العثماني وبدايات الجمهورية.
مقتنيات نادرة تروي حكايات من الزمن
يتميز المتحف بعرض نسخة مقلدة من طقم قهوة كان يستخدمه السلطان عبد الحميد الثاني، وطقم صممته أولكو أدا تيبه، الابنة الروحية لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك. كما يضم فناجين فضية مزخرفة تعود لعهد السلطان عبد المجيد، وأباريق قهوة (جزوات) من عصور وبلدان متعددة.
وقال تشلبي في حديثه لوسائل الإعلام: “القطع التي كنا نبحث عنها نادرة جدًا، خاصة المصنوعة من الطين المحروق أو المواد الهشة. كنت أرى هذه المقتنيات موزعة هنا وهناك في متاحف أنقرة أو إسطنبول، لكن لم أجد مكانًا واحدًا يجمع قصة القهوة التركية بشكل متكامل. فقررت أن أبدأ هذا المشروع من أنقرة، لنروي القصة كما يجب.”
من الفتاوى إلى طقوس الضيافة.. القهوة في قلب المجتمع
لا يقتصر المتحف على عرض الأدوات، بل يتوسع ليروي الأبعاد الثقافية والاجتماعية التي أحاطت بالقهوة في المجتمع التركي. حيث خصص مساحة لعرض الفتاوى الدينية التي حرّمت القهوة في بعض المراحل التاريخية، وأدت إلى إغلاق المقاهي، كما يسلط الضوء على تقاليد قراءة الفنجان في القصور العثمانية، ويعرض عناصر من طقوس الضيافة مثل “اليانسون” و”اللقوم”.
تجربة تفاعلية تبدأ بالموسيقى وتنتهي بالقهوة
ومن أبرز ما يقدمه المتحف، غرفة موسيقية تفاعلية يمكن للزوار فيها الاستماع إلى أغانٍ وأهازيج تراثية مرتبطة بالقهوة من خلال مشغل أسطوانات كلاسيكي، مما يضفي على الزيارة بعدًا شعوريًا خاصًا.
كما يتضمن المتحف غرفة تحمل اسم “التحميصانة”، حيث يمكن للزوار تجربة طحن القهوة بأنفسهم باستخدام أدوات تقليدية، في محاكاة حية لما كانت عليه العملية قديماً. وقال تشلبي عن هذه التجربة:
“يرتدي الزائرون المآزر ويستخدمون الدِّبَك الكبيرة لطحن القهوة يدويًا. إنها تجربة حسية تعيد إحياء التراث فعليًا وتربط الحاضر بالماضي.”
ختام الجولة في “غرفة أصولنا”
تُختتم الجولة في غرفة مخصصة أطلق عليها تشلبي اسم “أصولنا”، وهي مصممة كمساحة استراحة ذات طابع تراثي. وفي هذه الغرفة، تُقدَّم القهوة التركية التقليدية للزوار وسط أجواء تاريخية تتيح لهم التأمل في جذور هذا المشروب الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية التركية.
ويأمل تشلبي أن يُسهم هذا المتحف في تعزيز الوعي بثقافة القهوة التركية، وإحياء رموزها التاريخية، قائلاً: “من خلال هذا المتحف، أردنا أن نُظهر أن القهوة ليست مجرد مشروب، بل قصة حضارة وتاريخ وهوية ممتدة عبر القرون.”