دراسة جديدة تكشف كيف يؤثّر شرب القهوة على حركة الأمعاء
دبي – قهوة ورلد
لطالما أثار تأثير القهوة على الجهاز الهضمي فضول الباحثين وعشّاق القهوة، خصوصًا ما يتعلق بحركة الأمعاء بعد شربها. دراسة علمية جديدة صادرة عن جامعة توكوشيما اليابانية، ومنشورة في دورية Scientific Reports لعام 2025، تقدّم واحدًا من أكثر الفحوصات دقّةً حتى اليوم حول تأثير القهوة في تحفيز حركة الأمعاء على المدى القصير، مع التركيز على ما إذا كانت قوة القهوة — من الضعيفة إلى القوية جدًا — تُحدث فرقًا ملموسًا في هذا التأثير.
وباستخدام تقنية حديثة تعتمد على تحليل الأصوات الصادرة من الأمعاء، توصّل الباحثون إلى نتيجة واضحة: القهوة تحفّز حركة الأمعاء بسرعة، خلال دقائق من شربها. لكن المفاجأة كانت في أن اختلاف التركيز بين القهوة الضعيفة والقوية والقوية جدًا لم ينتج عنه فروقات إحصائية مؤكدة، رغم أن التحليلات الاستكشافية أشارت إلى نمط قد يرتبط بتركيز القهوة ويحتاج إلى تأكيد مستقبلي.
سماع حركة الأمعاء.. تقنية متقدمة تقود البحث العلمي في القهوة
الدراسات القديمة التي بحثت في تأثير القهوة على الجهاز الهضمي اعتمدت غالبًا على مؤشرات عامة مثل وقت أول إخراج بعد الجراحة، وهي مؤشرات لا تكشف التفاصيل الدقيقة لحركة الأمعاء. أما هذه الدراسة الجديدة فاستندت إلى جهاز استماع إلكتروني شديد الحساسية، متصل بذكاء اصطناعي قادر على تحليل الأصوات الدقيقة الناتجة عن حركة الأمعاء، ما سمح للباحثين بقياس عدد “مقاطع” الأصوات الحركية في الدقيقة بدقّة عالية.
شارك في التجربة 10 شبّان أصحاء بمتوسط عمر 20.5 عامًا، تناول كل منهم 150 مل من القهوة الفورية بدرجة حرارة 45 درجة مئوية في ثلاث تراكيز مختلفة:
القهوة الضعيفة (TDS 0.90%)
القهوة القوية (TDS 1.60%)
القهوة القوية جدًا (TDS 2.10%)
وتم تكرار التجارب على مدار أيام غير متتالية لتجنّب تأثير الاعتياد على الكافيين.
نتيجة مؤكدة.. القهوة ترفع حركة الأمعاء مباشرةً بعد شربها
أظهرت البيانات ارتفاعًا واضحًا في نشاط الأمعاء بمجرد تناول القهوة، حتى قبل أن يتم امتصاص الكافيين في الدم. فقد زادت الحركة في:
المرحلة المعدية (0–10 دقائق بعد الشرب)
المرحلة المعوية (20–40 دقيقة بعد الشرب)
مقارنة بالخط الأساسي قبل تناول القهوة.
هذا يؤكد أن تأثير القهوة على الجهاز الهضمي قد يكون مرتبطًا بالتنبيه الكيميائي والحسي للفم والكثير من المستقبلات المخصّصة للمرارة والمذاق المر، وليس فقط بارتفاع نسبة الكافيين في الدم.
هل التركيز القوي يعني حركة أكبر؟ الإجابة ليست نهائية
أراد الباحثون معرفة ما إذا كان تركيز القهوة يؤثر على قوة الاستجابة. النتيجة الرسمية:
لا توجد فروقات مؤكدة بين التراكيز المختلفة.
لكن التحليل الاستكشافي عبر مخططات الاستجابة-الحافز (BSSRPs) كشف نمطًا متكررًا:
القهوة الضعيفة ≥ القهوة القوية ≥ القهوة القوية جدًا
أي أن زيادة التركيز قد تكون مرتبطة بزيادة الاستجابة، لكن هذا الارتباط غير كافٍ بعد للوصول إلى نتيجة قاطعة.
ويدعو الباحثون إلى دراسات أكبر تشمل مجموعة ضابطة من الماء الساخن لضمان الدقة.
لماذا تُحفّز القهوة حركة الأمعاء؟
الدراسة تعتمد على نتائج معروفة من أبحاث سابقة، من بينها:
الكافيين
يعارض عمل مستقبلات الأدينوزين
ينشط الجهاز العصبي
يحفّز انقباض العضلات الملساء في الأمعاء
البوليفينولات والمواد المُرة
تفعّل مستقبلات الطعم المر
قد تغيّر تدفق الدم في الجهاز الهضمي
قد تؤثر على العصب الحائر والجهاز العصبي المعوي
كما أشارت الدراسة إلى أن القهوة الفورية المستخدمة تحتوي على حوالي 410 ملغ من البوليفينولات لكل 2 غرام، وهو رقم أعلى من القهوة التقليدية، ما قد يفسّر قوة التأثير الملحوظ.
خطوة مهمة نحو توحيد منهجية أبحاث القهوة
تُظهر الدراسة أهمية توحيد المعايير في دراسات القهوة، إذ تختلف الأبحاث السابقة بشكل كبير في:
كمية الماء
نوع التحضير
الحرارة
الكمية المستخدمة من القهوة
بينما التزمت هذه الدراسة بضبط جميع المتغيرات بدقة، ما يعزز مصداقية النتائج ويدعو الباحثين إلى تبني منهج مشابه مستقبلًا.
قيود الدراسة
أشار الباحثون إلى عدة نقاط يجب أخذها في الاعتبار:
لم تُعرف نسبة عربica/Robusta في القهوة المستخدمة.
لم تتضمن التجربة كوب ماء ساخن كمجموعة ضابطة.
أحد المشاركين لم يتمكن من استكمال تجربة التركيز الأعلى.
اقتصرت العيّنة على شباب ذكور فقط.
لم يتم عزل تأثير كل مركّب كيميائي على حدة.
ورغم ذلك، توفر الدراسة أدلة موثوقة على تأثير القهوة السريع في حركة الأمعاء.
ماذا يعني ذلك لمحبي القهوة؟
الاستنتاج الواضح:
القهوة تحفّز الأمعاء بسرعة — بغضّ النظر عن كونها ضعيفة أو قوية.
أما السؤال حول ما إذا كانت القهوة الأقوى تملك تأثيرًا أقوى، فالجواب العلمي الحالي:
ما زال غير محسوم ويتطلّب دراسات أكبر.