عبدالله السقّاف.. شغف القهوة الذي انطلق من أم القيوين نحو الإمارات كلها
أم القيوين – علي الزكري
في مدينةٍ هادئة كأم القيوين، ووسط مشهدٍ متنامٍ لثقافة القهوة المختصّة في دولة الإمارات، قرّر شابٌ يمني أن يحوّل شغفه اليومي بفنجان القهوة إلى مشروعٍ نابض بالحياة. هكذا وُلدت فكرة «بروفايل»، مقهى يقدّم القهوة المختصّة بروحٍ تجمع بين البساطة والإتقان، وبين الحلم والعمل الجاد.
عبدالله السقّاف لم يكن خبيرًا حين بدأ رحلته، لكنه كان عاشقًا للقهوة، يؤمن أن الفهم الحقيقي لها لا يأتي إلا بالممارسة والتعلّم اليومي. من فكرة صغيرة إلى مشروع أصبح جزءًا من المشهد المحلي في الإمارة، يمضي السقّاف بخطواتٍ واثقة نحو التوسّع، مؤمنًا بأن النجاح يبدأ بحب ما تفعل لا بما تملك.
في هذا الحوار، نقترب أكثر من تجربة هذا الشاب الملهم، ونتعرّف على تفاصيل رحلته مع «بروفايل»، والتحديات التي واجهها، ورؤيته لمستقبل القهوة المختصّة في الإمارات. اقرأ الحوار وتعرّف على القصة الملهمة لعبدالله السقّاف، الشاب الذي صنع من القهوة حكاية نجاح.
في البداية نرحّب بك أستاذ عبدالله، حدّثنا عن نفسك ومشروعك.
وياكم أخوكم عبدالله السقّاف، صاحب مشروع بروفايل للقهوة المختصّة، والواقع في إمارة أم القيوين. بدأنا المشروع قبل سنة وعشرة أشهر تقريبًا، وتحديدًا في شهر يناير من عام 2024.
كيف جاءت فكرة المشروع؟
أنا شخص أحب القهوة كثيرًا، وأبدأ يومي عادةً بكوب من القهوة المختصّة مثل الكورتادو أو الفلات وايت. لاحظت أن أم القيوين تفتقر إلى مقاهٍ تقدّم قهوة مختصّة بأسعار مناسبة، فخطرت لي فكرة افتتاح مشروع يجمع بين الجودة والسعر المعقول، لأن القهوة أصبحت جزءًا يوميًا من حياة الناس، ويجب أن تكون في متناول الجميع.
من أين بدأت الخطوات الأولى؟
البداية لم تكن سهلة، لأن الشغف وحده لا يكفي في عالم الأعمال. استعنتُ بأصدقاء لديهم خبرة في إدارة المقاهي، وليس فقط في تذوّق القهوة. قمنا معًا بإعداد دراسة جدوى مبسّطة، وتحديد المعدات والأفكار الأساسية لتأسيس مشروع متكامل. الشباب الذين ساعدوني لم يقصّروا أبدًا، ووقفوا معي خطوة بخطوة حتى انطلق المشروع.
كيف جاءت فكرة اسم «بروفايل»؟
اخترنا الاسم لأننا أردنا أن نكون بمثابة ملف تعريفي للقهوة المختصّة — مكان يعكس جوهرها وتنوّعها. ومن هنا جاءت كلمة «بروفايل»، بمعنى الهوية أو التفرّد، أي المستوى الأعلى في الجودة والتميّز.
ما أبرز التحديات التي واجهتك؟
التحديات الكبرى لم تكن في تجهيز المقهى أو توفير المعدات، بل في إدارة الفريق والحفاظ على جودة القهوة بشكل يومي. فالزبائن يلاحظون أي تغيّر بسيط في المذاق، لذلك كان من المهم جدًا أن نحافظ على نفس المعايير كل يوم. التحدي الحقيقي كان في التنظيم الداخلي وليس في بيئة العمل نفسها، لأن الإمارات توفّر كل الإمكانات لمن يريد أن يبدأ مشروعًا ناجحًا.
هل ساعدتك البيئة في الإمارات على النجاح؟
بكل تأكيد. ثقافة القهوة المختصّة في الإمارات تنمو بسرعة، والناس أصبحوا أكثر وعيًا بتفاصيل المذاق والجودة. هذا الوعي ساعدنا كثيرًا، لأن الزبائن هنا يقدّرون القهوة الجيدة ويميزونها. البيئة فعلاً محفّزة ومشجّعة.
هل كنت خبيرًا بالقهوة قبل أن تبدأ مشروعك؟
لا، كنت فقط أحب القهوة وأشربها يوميًا، لكن لم أكن مختصًا أو متمرّسًا في التفاصيل الفنية. بعد افتتاح المشروع بدأت أتعلّم أكثر، فالتحقت بدورات تدريبية لتطوير مهاراتي. لذلك أنصح أي شخص أن يبدأ بخلفية بسيطة ثم يتعمّق مع الوقت. الشغف أهم من الخبرة المسبقة.
برأيك، ما العنصر الأهم في نجاح مشروع قهوة؟
النجاح لا يقوم على عنصر واحد، بل على منظومة متكاملة: نوع البن، ومهارة العاملين، والمعدات المستخدمة. لكن البن هو الأساس — مهما كانت الآلات احترافية والعاملون مهرة، إذا لم يكن البن مختصًا فلن تحصل على النتيجة المطلوبة. لذلك نهتم باختيار البن أولًا، ثم بالتدريب والاستخلاص، وأخيرًا بالمعدات التي تكمّل العملية كلها.
من خلال تجربتك، ما أنواع البن التي يفضّلها الزبائن؟
في البداية لاحظت أن أغلب الزبائن يميلون إلى البن البرازيلي أو الإثيوبي لأنهم معتادون عليه. لكننا حاولنا إدخال ثقافة التجربة لديهم، فقدمنا البن التنزاني واليمني بطريقة مميزة وبأسعار مناسبة. ومع الوقت، أحبّ الزبائن النكهات الجديدة، واليوم أصبح البن اليمني من أكثر الأنواع طلبًا لدينا.
هل ترى أن الزبون في الإمارات أصبح خبيرًا في القهوة المختصّة؟
نعم، هناك وعي متزايد. الناس باتت تفرّق بين النكهات وتفهم معنى الحموضة أو التوازن. طبعًا لا يصلون إلى مستوى خبرة أصحاب المقاهي أو المحمّصين المحترفين، لكن لديهم ذوق ناضج ورغبة في المعرفة. وهنا يأتي دور العاملين في المقهى في توعية الزبون وشرح الفروقات بين الأنواع.
كيف أثّرت التغيرات العالمية مثل ارتفاع الأسعار أو التعريفات الجمركية على عملكم؟
نحن نتعامل بشكل أساسي مع المحامص المحلية، لذلك تأثرنا جزئيًا فقط. الارتفاعات في الأسعار تطال الجميع، خصوصًا المستوردين للبن الأخضر. ومع ذلك، السوق المحلي في الإمارات متوازن، وهناك تنوّع في المحامص يتيح لنا الحصول على خيارات مختلفة وبأسعار مناسبة.
ما رؤيتك لمستقبل «بروفايل»؟
نطمح أولًا للتوسّع داخل الإمارات. بدأنا في أم القيوين ونخطط للوصول إلى إمارات أخرى مثل الشارقة وعجمان. كما نعمل حاليًا على إطلاق عربة قهوة متنقلة لتقديم تجربتنا لعملاء أكثر. في المستقبل القريب، نسعى لافتتاح فروع جديدة بإذن الله خلال عام ٢٠٢٦.
ما النصيحة التي تقدمها للشباب الراغبين في دخول عالم القهوة؟
أنصحهم أولًا أن يحبوا المجال. لا تبدأ مشروع قهوة لأنك تراها تجارة رائجة، بل لأنك تحب القهوة فعلًا. كل من عرفته ونجح في مجاله كان يحب ما يفعله. بعد ذلك، لا تتوقف عن التعلّم — القهوة عالم واسع ومتجدد، وكل يوم فيه جديد.
هل تقتصر تجربتكم على القهوة فقط أم تقدمون منتجات أخرى؟
نعم، نحاول دائمًا تقديم تجربة متكاملة للعميل. إلى جانب القهوة، نقدّم مشروبات مثل الماتشا والكركديه، بالإضافة إلى الحلويات والفطور. الهدف أن يجد كل زائر شيئًا يناسب ذوقه، حتى من لا يشرب القهوة يمكنه الاستمتاع بمنتجات أخرى.
وأخيرًا، أين ترى «بروفايل» بعد خمس سنوات؟
لا أستطيع أن أقول عالميًا بعد، لكن بإذن الله أطمح أن يكون «بروفايل» حاضرًا في جميع إمارات الدولة، مع جودة ثابتة وتطور مستمر في كل التفاصيل.
- بواسطة : Qahwa World
- على :
آخر المشاركات
- هبوط أسعار القهوة نتيجة تلميح أمريكي بخفض الرسوم الجمركية
- موكا 1450 وبريمافيرا غيرين تطلقان “غواتيمالا إسبيرانزا” في دبي
- شركة “لكن كوفي” تستعد لإدراج جديد في الولايات المتحدة بعد خمس سنوات من فضيحة محاسبية
- تايم تفتح ملف العلاقة المعقّدة بين الدماغ والقهوة
- المستثمر الرئيسي في “لكن كوفي” يدرس الاستحواذ على “كوستا كوفي”

