أزمة القهوة في البرازيل تتفاقم.. تراجع المخزون وزيادة الخسائر يرسمان صورة قاتمة لعام 2025
تواصل الصحفية العالمية وخبيرة القهوة مايا والينغرين تغطيتها الميدانية من جنوب ميناس في البرازيل، مسلطة الضوء على أزمة متفاقمة تهدد سلسلة إمداد القهوة العالمية.
ومن مجمع “جابي” الضخم للتخزين التابع لتعاونية “كوكسب”، أكبر تعاونية قهوة في العالم، كشفت والينغرين عن انخفاض حاد في المخزون وخسائر كارثية تضعف صناعة القهوة وتدفعها إلى حافة الانهيار.
وأشارت والينغرين عبر منصتها Spilling The Bean إلى أن الوضع يزداد سوءًا بشكل مستمر. في عام 2024، أنتجت البرازيل نحو 9 ملايين كيس من القهوة، تم تصدير أكثر من 5.5 ملايين كيس منها، بينما بيع معظم البقية في السوق المحلية. ومع ذلك، لم يتبق سوى نحو مليون كيس، ومن المتوقع أن يتم بيعها وشحنها بالكامل بحلول مايو 2025، ما يعكس أزمة غير مسبوقة في توافر القهوة.
وتؤكد التقارير أن المزارعين في البرازيل يواجهون صعوبات هائلة في الحفاظ على سبل عيشهم. مع مساحات صغيرة للأراضي الزراعية تتراوح في المتوسط بين 0.5 و0.7 هكتار، تشير التقديرات إلى أن 60-70% من المناطق الرئيسية المنتجة للقهوة أصبحت في حالة شبه مهجورة أو مهجورة تمامًا. في الوقت نفسه، تعاني 85-90% من مناطق زراعة القهوة من كوارث مناخية شديدة، مما أدى إلى خسائر عالمية تُقدّر بـ 20-22 مليون كيس للموسم الزراعي 2024-2025، مع توقعات بخسائر إضافية تتراوح بين 18-20 مليون كيس للموسم 2025-2026.
وكشفت جولة والينغرين في جنوب ميناس، القلب التقليدي لإنتاج القهوة في البرازيل، عن مدى خطورة الوضع. حتى في المناطق التي تتمتع عادةً بإنتاج قوي، تشير تقارير “كوكسب” إلى خسائر تتراوح بين 10-15% كحد أدنى، بينما تواجه معظم المزارع خسائر تتراوح بين 30-50% أو أكثر. ووصفت والينغرين أشجار القهوة بأنها “ضعيفة بشكل واضح وتعاني”، مشيرة إلى حجم الكارثة.
وخلال زياراتها إلى بلديات مثل “نوفا ريزيندي”، إحدى أكبر ثلاث مناطق منتجة لأرابيكا، أكد المزارعون أن الوضع غير مسبوق. قال مزارع يبلغ من العمر 82 عامًا: “في حياتي، لم أشهد المحصول في حالة سيئة كهذه.” وأضافت والينغرين أن المزارعين يستخدمون مصطلحات جديدة لوصف موسم 2025 مثل “سيئ” و”كارثي تمامًا”، ما يعكس حالة اليأس السائدة بين المنتجين.
وتحذر والينغرين من أن أفضل السيناريوهات لمحصول أرابيكا في عام 2025 تشير إلى إنتاج 28 مليون كيس كحد أقصى، مع تقديرات أكثر واقعية تتراوح بين 24-26 مليون كيس. أما إجمالي إنتاج أرابيكا وروبوستا، فمن المتوقع ألا يتجاوز 38-40 مليون كيس. هذه الأرقام تعكس تراجعًا حادًا، مع عدم وجود أمل في التعافي الكامل قبل عام 2028-2030، مما يضع البرازيل، أكبر منتج للقهوة في العالم، في موقف صعب.
أوضحت والينغرين أن سلسلة إمداد القهوة في حالة “انهيار حر”، حيث ينفد المخزون بشكل أسرع من المتوقع. وتزداد التحديات بسبب تغير المناخ وصغر حجم الأراضي الزراعية والضغوط الاقتصادية التي تفاقم الأزمة. وأكدت أن الأزمة لا تقتصر على البرازيل وحدها، بل تمتد تأثيراتها إلى العالم بأسره، حيث تعتمد حوالي 50 مليون أسرة على زراعة القهوة عالميًا.
وقالت والينغرين : “العالم يواجه نقصًا حادًا في القهوة.” وأضافت أن الأزمة تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى ممارسات مستدامة وابتكارات وتعاون عالمي لضمان استمرارية صناعة يعتمد عليها ملايين الأسر ويستمتع بها مليارات الأشخاص يوميًا.
وأوضحت في ختام تقريرها: “حتى الآن، الكارثة لا تعبر تمامًا عن حجم المشكلة. المزارعون يتأهبون للأسوأ ويصلّون لتخفيف الأضرار في الأشهر المقبلة.”