القهوة من نوى التمر.. حل مستدام لمستقبل القهوة؟

هل يمكن للقهوة المصنوعة من نوى التمر ومكونات معاد تدويرها أن تكون البديل الذي ينقذ صناعة القهوة من التحديات البيئية المتصاعدة بحلول عام 2050؟

مكونات مبتكرة تعيد تعريف القهوة

نوى التمر، الحلبة، بذور الرامون، الليمون، الجوافة، الخروب، الدخن – ليست مجرد مكونات طبيعية، بل أساس ابتكار جديد تقدمه شركة أمريكية طموحة تسعى لإنتاج “أكثر أنواع القهوة استدامة في العالم”.

مع استهلاك ملياري كوب من القهوة يوميًا حول العالم، تواجه صناعة القهوة تحديًا خطيرًا؛ إذ من المتوقع أن تقلص الأراضي الزراعية المخصصة لزراعة البن إلى النصف بحلول عام 2050. وفي ظل تقلبات الطقس الشديدة التي تؤثر على سلاسل التوريد، شهدت أسعار القهوة ارتفاعًا ملحوظًا في عام 2024.

نموذج جديد يغير المعايير

بينما تعمل العديد من الجهات في الصناعة على تحسين عمليات الزراعة والمعالجة لتكون أكثر استدامة، اتخذت شركة مقرها مدينة سياتل نهجًا مختلفًا تمامًا. يقول المدير التنفيذي للعمليات في الشركة:

“لم نؤسس مشروعنا لتحل قهوتنا محل القهوة التقليدية، بل لتقديم خيار أفضل يحافظ على كوكب الأرض. ومن خلال الأبحاث العلمية، استطعنا تطوير منتج يقلل من انبعاثات الكربون ويستهلك مساحات أقل من الأراضي مقارنة بالقهوة التقليدية.”

تحديات الابتكار والبحث

استنادًا إلى خبراتهم في علوم الأحياء الدقيقة، عمل فريق الشركة على تحليل مكونات القهوة التقليدية البالغ عددها 28 مركبًا، واستخلاصها من مكونات طبيعية معاد تدويرها، أبرزها نوى التمر. إلا أن الوصول إلى التركيبة المثالية لم يكن سهلاً، حيث تطلب أكثر من 400 تجربة لتطوير المذاق والقوام المطلوب.

“نوى التمر تُعتبر موردًا غير مستغل، حيث يتم التخلص من مئات الملايين من الأرطال سنويًا. ومن هنا، قررنا إنشاء مصنع في وادي كواتشيلا بولاية كاليفورنيا لمعالجة ما يقرب من 10,000 رطل يوميًا وتحويلها إلى منتج صالح للاستخدام،” يوضح المدير التنفيذي.

كيف تُصنع القهوة من نوى التمر؟

في مصنع التحميص، تُنقع نوى التمر وتُخلط مع مكونات طبيعية أخرى، مثل الحلبة، بذور الرامون، قشور الفاكهة، والخروب. بعد ذلك، تُحمص باستخدام نفس معدات التحميص التقليدية، لتنتج منتجًا يشبه القهوة المطحونة من حيث الشكل واللون.

“كان هدفنا أن نبتكر منتجًا لا يشبه القهوة فقط، بل يمكن تحضيره باستخدام نفس المعدات التقليدية، ليكون خيارًا عمليًا للمستهلكين والمصنعين،” يقول المدير التنفيذي.

القبول في السوق

أظهرت اختبارات التذوق العشوائية أن القهوة البديلة تفوقت على العلامات التجارية التقليدية بنسبة ثلاثة إلى واحد. منذ إطلاقها الأول في أواخر عام 2023، توسع المنتج ليشمل أنواعًا مختلفة تلائم أذواق متعددة.

“نسعى لأن نكون شركاء في تطوير هذه الصناعة، من خلال تقديم بدائل مستدامة تدعم مستقبل القهوة،” يضيف المدير التنفيذي.

الأثر البيئي

يشير المشروع إلى أن منتجه الجديد يقلل من انبعاثات الكربون بنسبة 83%، ويستهلك 70% أقل من الأراضي الزراعية، مما يساهم في الحفاظ على ما يعادل 2700 ملعب كرة قدم من الأراضي الزراعية.

رؤية نحو المستقبل

تخطط الشركة لتوسيع نطاق منتجاتها لتشمل مكونات تساعد على الإبداع في صناعة القهوة، مثل “الحبوب البديلة” التي تسمح للمحمصين بإضفاء لمساتهم الخاصة على النكهات.

“هدفنا هو دعم استدامة صناعة القهوة مع احترام عاداتها وتقاليدها. نحن نرى إمكانيات كبيرة في هذا الابتكار، ونطمح لأن يكون خيارًا رئيسيًا في المستقبل،” يختم المدير التنفيذي حديثه.

نشر في :