من المتفجرات إلى القهوة.. صانع قنابل بالي يطلق علامته التجارية ويعد بدعم الضحايا

من المتفجرات إلى القهوة.. صانع قنابل بالي يطلق علامته التجارية ويعد بدعم الضحايا

أطلق عمر باتك، صانع القنابل المُدان في تفجيرات بالي 2002 التي أودت بحياة 202 شخص، علامته التجارية الخاصة بالقهوة، في محاولة علنية لإعادة بناء حياته والمساهمة في جهود مكافحة التطرف في إندونيسيا.

وباتك، البالغ من العمر 58 عامًا، كان عضوًا بارزًا في جماعة “الجماعة الإسلامية” المرتبطة بتنظيم القاعدة، وساهم في تحضير قنبلة وزنها طن، تم تفجيرها في ملهيين ليليين في جزيرة بالي، ما أسفر عن مقتل 88 أستراليًا و38 إندونيسيًا وضحايا آخرين من أكثر من 20 جنسية. حُكم عليه بالسجن 20 عامًا عام 2012، وأُطلق سراحه بشروط في عام 2022، مما أثار غضبًا واسعًا، لا سيما في أستراليا.

في هذا الأسبوع، وخلال حفل إطلاق في مدينة سورابايا الإندونيسية بجزيرة جاوة، كشف باتك عن علامته التجارية الجديدة للقهوة تحت اسم “رامو” بالتعاون مع طبيب الأسنان ورجل الأعمال الإندونيسي دافيد أندرياسميتا. أُقيم الحفل في مقهى “هيدون إستيت”، وتزيّن المكان بصور كبيرة لباتك على عبوات القهوة.

وقال باتك للحضور: “لقد تغيرت الآن. لم أعد أصنع القنابل.. بل أصنع القهوة.”

وأكد أنه واجه صعوبات كبيرة بعد خروجه من السجن، خاصة في إيجاد فرصة عمل بسبب “الوصمة التي تلاحق السجناء السابقين في قضايا الإرهاب”.

وأضاف: “أعلم أن هناك من لا يزال غاضبًا مني. لكن أطلب منهم ألا يبقوا أسرى الشك. دعوني أُثبت أنني تغيرت بالفعل”. ولفت إلى أنه سيخصص جزءًا من أرباح مشروع القهوة لدعم الناجين من تفجيرات بالي.

ناجون يواجهونه في حفل الإطلاق

شهد الحفل لحظات مؤثرة، حين تقدّمت حُسن الخاتمة، وهي إحدى الناجيات الإندونيسيات، إلى باتك وواجهته أمام الجمهور، كما فعلت سابقًا خلال جلسة محاكمته عام 2012.

“هل ما زلت تتذكرني؟”، سألته وهي تُريه ندوب الحروق على يديها وذراعيها، والتي تُغطي 70٪ من جسدها نتيجة الانفجار. وردّ باتك بالإيجاب واعتذر مجددًا.

وقالت له: “أسامحك.. لكن لا تكتفِ بالاعتذار. ساعدنا فعليًا”.

وفي تصريح لاحق، قالت حُسن إنها تأمل أن يُخصّص باتك وأندرياسميتا جزءًا من المشروع لدعم الجرحى والضحايا الذين لا يزالون يُعانون صحيًا.

من جهتها، قالت ناجية أخرى تُدعى توميني من مدينة دينباسار، إنها لا تزال تُعاني من تكاليف العلاج وتطالب الحكومة بإعطاء الأولوية في الدعم للضحايا الذين لا يزالون يتلقون الرعاية.

نموذج للجهود الحكومية في “إعادة التأهيل”

سلّطت السلطات الإندونيسية الضوء على قصة باتك كمثال يُحتذى به في برامج مكافحة التطرف وإعادة التأهيل التي تنتهجها البلاد، وتشمل الدعم النفسي، والتعليم الديني المعتدل، والمساعدة الاقتصادية.

وقال دافيد أندرياسميتا، شريك باتك في المشروع: “أعرف أن الكثيرين اعتبروا قراري بالمخاطرة مجنونًا، لكني أؤمن بفرص الغفران وإعطاء الناس فرصة ثانية”.

بدوره، أشار نور هدى إسماعيل، مؤسس معهد بناء السلام الدولي والمحلل الأمني، إلى أن دعم المحيط الاجتماعي حول باتك، من أصدقاء وأسرة ومجتمع، كان مفتاحًا لتحوّله.

وكان من بين الحضور مارتينوس هوكوم، الرئيس السابق لجهاز مكافحة الإرهاب الإندونيسي، وهو من شارك في اعتقال باتك سابقًا، مما أعطى وزنًا رسميًا للحفل ولعملية “إعادة دمجه في المجتمع”.

لكن الغفران ليس سهلاً للجميع

رغم التحولات التي يدّعيها باتك، إلا أن الكثيرين لا يزالون غير قادرين على مسامحته، بما فيهم مسؤولون أستراليون، إذ وصف رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي قرار الإفراج المبكر عنه بأنه “إهانة للضحايا” و”مصدر تجديد للصدمة”.

لكن باتك يصرّ: “الجميع يراقبني الآن. دعوني أُثبت نفسي بأفعالي.”

Spread the love
نشر في :