الماتشا يكتسب زخماً مع تبني الضيافة لطقوسه وفوائده الصحية
دبي، 27 أغسطس 2025 (قهوة ورلد) – يبرز مشروب الماتشا اليوم كأحد أسرع المشروبات انتشاراً في قطاع الضيافة العالمي. فبعد أن كان جزءاً من تقاليد يابانية عمرها قرون، أصبح رمزاً للعافية والاستدامة والتجربة الثقافية الحديثة. بالنسبة للمقاهي والفنادق والأماكن المتخصصة، لم يعد مجرد بديل للقهوة، بل تحول إلى تعبير عن قيم تتماشى مع تطلعات المستهلك المعاصر.
شهدت السنوات الأخيرة تسارعاً كبيراً في ابتكارات قوائم المشروبات، حيث يبحث المستهلكون عن خيارات توفر أكثر من مجرد مذاق. فالماتشا، بطقوسه العريقة في التحضير ورمزيته، وجد مكانه في هذا السياق. ولم يعد يقتصر على الأواني التقليدية، بل يُقدَّم اليوم في صورة لاتيه أو مشروبات مثلجة أو حتى كوكتيلات مبتكرة، مما يعكس مرونته وقدرته على الاندماج في الضيافة العصرية.
وقالت فابيولا روجييرو، مؤسسة “كوزي دي تيه”: “الماتشا يلبّي حاجة أعمق، الحاجة إلى التمهل وإعادة التواصل حتى وسط زحمة الحياة اليومية. تحضيره طقس هادئ، ونكهته قوية ومعقدة وخضراء الطابع. إنه يستثير الحواس ويدعو للحظة حضور.”
وعلى عكس أنواع الشاي التقليدية التي تُنقع ثم تُزال أوراقها، يُستهلك الماتشا بكامله كمسحوق ناعم من أوراق تظلل قبل قطفها. وهذا يجعله غنياً بمضادات الأكسدة والأحماض الأمينية والكافيين بطيء الإطلاق، مما يمنح طاقة مستقرة وشعوراً بالتركيز الهادئ، وهو ما يجذب الأجيال الجديدة والمهنيين الذين يبحثون عن توازن ذهني بعيداً عن تقلبات مشروبات الكافيين الأخرى.
وأضافت روجييرو: “من النادر أن تجد منتجاً يجمع بين الفوائد الصحية والجاذبية البصرية والقيمة السردية. الماتشا يحقق هذه العناصر الثلاثة معاً، ولهذا يتجاوب معه الضيف الحديث بعمق.”
وتشير دراسات السوق إلى أن البعد السردي أصبح عنصراً جوهرياً في تقديم المشروبات. فعرض أدوات التحضير أمام الضيف، أو إضافة ملاحظات تذوق في القائمة، أو تقديمه مع قطعة حلوى بسيطة مثل الموچي أو البسكويت، كلها تفاصيل صغيرة قادرة على رفع مستوى التجربة. هذه اللمسات الدقيقة باتت تُعرف بأنها علامات الفخامة الحديثة في عالم الضيافة.
من الناحية التجارية، يوفر الماتشا فرصاً واضحة. فهو يفتح مصادر دخل جديدة خلال ساعات الركود، ويستجيب للطلب المتزايد على بدائل غير قهوية، ويعزز صورة المنشآت كمبتكرة ومتقدمة. كما أن لونه الأخضر الزاهي وجاذبيته البصرية يمنحان زخماً إضافياً في عصر تلعب فيه الصور دوراً محورياً في قرار المستهلك. وقالت روجييرو: “الماتشا هو المكان الذي يلتقي فيه التقليد العريق مع أسلوب العيش المستقبلي الواعي. إنه دعوة للتوقف، ولإعادة التواصل، وللاختيار المختلف.”
كما ساعد التطور التقني على ضمان ثبات الجودة في مشروبات الماتشا. فقد صُممت آلة “إيغل ون” من شركة فيكتوريا أردوينو بتقنية البخار السلكي التي توفر دقة في ضبط الحرارة، وكفاءة في استهلاك الطاقة، وتحكماً سريعاً في تدفق البخار. هذه الخصائص تتيح تحضير مشروبات الماتشا بالحليب – سواء بالحليب التقليدي أو البدائل النباتية مثل الشوفان – بقوام متجانس ورغوة دقيقة تبرز النكهة ولا تطغى عليها.
إن دخول الماتشا إلى قوائم الضيافة يعكس تحوّلاً أوسع في الصناعة، حيث تتقاطع التقاليد مع الابتكار. فمن جهة، يظل تحضيره بالطرق اليابانية القديمة رمزاً ثقافياً متجذراً. ومن جهة أخرى، تعيد التصاميم الحديثة والتقنيات المتطورة تقديمه لجمهور عالمي جديد بطريقة عصرية وجذابة.
ومع تسارع تغيرات سوق المشروبات، لم يعد الماتشا ظاهرة عابرة، بل أصبح عنصراً أساسياً يجمع بين الإرث الصحي والجاذبية البصرية والمرونة التجارية. وبالنسبة للمؤسسات التي تسعى لمواكبة تطلعات المستهلك، يمثل الماتشا خياراً استراتيجياً يحمل دلالة على التقدم والوعي، ويؤكد أن الضيافة المستقبلية لا تقتصر على تقديم مشروب، بل على تقديم تجربة كاملة.