دبي – قهوة ورلد

قد يكمن مفتاح تخفيف خطر الإصابة بمرض التصلب اللويحي المتعدد (MS)، وهو مرض مناعي ذاتي عصبي مزمن ولا يوجد له علاج حالياً، في مشروب شائع: القهوة.

كشفت مراجعة منهجية وتحليل شمولي (Meta-analysis) صارم لعدة دراسات سابقة—جمعت بيانات لأكثر من 4,500 مشارك—أن الأفراد الذين يستهلكون القهوة بانتظام هم أقل عرضة للإصابة بمرض التصلب اللويحي بنسبة 22% مقارنة بمن لا يشربونها على الإطلاق. وتشير هذه النتائج، التي نُشرت مؤخراً في دورية Neurodegenerative Disease Management، إلى وجود علاقة قوية بين هذا المشروب اليومي وانخفاض احتمالية الإصابة بالمرض المُوهِن.

  • فهم المرض

يُعرّف التصلب اللويحي المتعدد بأنه مرض مناعي ذاتي يصيب الجهاز العصبي المركزي، حيث يهاجم الجهاز المناعي للجسم عن طريق الخطأ غمد المايلين الواقي المحيط بالألياف العصبية في الدماغ والحبل الشوكي. ويؤدي هذا التلف إلى اضطراب في التواصل بين الدماغ وبقية أعضاء الجسم، مسبباً مجموعة من الأعراض الحادة مثل الإرهاق المزمن، ومشاكل في الرؤية، والخدر، وصعوبات كبيرة في الحركة.

في حين لا يزال السبب الدقيق للمرض غامضاً، يعتقد الباحثون أنه ينطوي على تداخل معقد بين الاستعداد الوراثي والعوامل البيئية ونمط الحياة، مثل التدخين، والنظام الغذائي، ونقص فيتامين د. ويشير البحث الجديد إلى أن الخيارات الغذائية البسيطة قد تلعب دوراً وقائياً حاسماً.

  • قوة الأدلة

تضمن التحليل الشمولي مجموعة من 2,193 فرداً مصاباً بمرض التصلب اللويحي و2,344 شخصاً في المجموعة الضابطة (غير مصابين). ومن بين المصابين، كان 1,072 منهم من شاربي القهوة بانتظام.

ويقترح الباحثون أن الآثار الوقائية العصبية المعروفة لمركبات القهوة قد تكون الآلية الكامنة وراء هذه العلاقة الإيجابية. وقد ثبت أن هذه المركبات تعمل على:

  1. الحد من الالتهابات الجهازية، التي تعتبر محركاً رئيسياً لهجمات المناعة الذاتية.
  2. تقليل الإجهاد التأكسدي، مما يحمي الأنسجة العصبية من التلف الخلوي.
  3. خفض تنشيط الخلايا المناعية في الدماغ، ما قد يبطئ الاستجابة المناعية الذاتية.

ملاحظات هامة

على الرغم من رقم الانخفاض المُقنع البالغ 22%، حثّ مؤلفو الدراسة على توخي الحذر في التفسير. وأشاروا إلى أن الدراسات الفردية التي تم مراجعتها كانت ذات نتائج غير متجانسة—فبعضها أشار إلى فوائد، وبعضها لم يجد أي تأثير، والقليل منها أشار إلى ارتباطات سلبية.

لذلك، وفي حين تشير البيانات المجمعة إلى وجود صلة وقائية قوية، يستحيل استخلاص استنتاجات سببية عامة أو تحديد المستويات المثلى لاستهلاك القهوة للحد من المخاطر في هذه المرحلة. ويؤكد الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث الاستشرافية الموجهة لتحديد العلاقة المباشرة بين السبب والنتيجة بشكل قاطع.

ومع ذلك، تتفق هذه النتائج مع مجموعة متزايدة من الأبحاث الصحية التي تظهر نتائج إيجابية لاستهلاك القهوة في الحالات التي يكون فيها الالتهاب المزمن عاملاً مساهماً أو سبباً جذرياً للمرض.