دبي – علي الزكري

في قلب المنطقة التي لا تهدأ طموحاتها، يقف “مركز الخبرة” التابع لمجموعة “سيمونيلي” في دبي كمنارة تجمع بين عراقة التصنيع وحيوية الابتكار.

لم يعد الأمر يقتصر على مجرد تقديم كوب مثالي، بل أصبح يتعلق ببناء مجتمع متكامل من الخبراء والمبدعين.

في هذا الحوار الحصري، يكشف لنا السيد فيدريكو أورتيلي عن إنجازات 2025 ورؤيته التحولية لعام 2026.

  •  مركز الخبرة.. النشاط والأثر

1. ما هو الهدف الاستراتيجي الأساسي من تأسيس مركز الخبرة في دبي، وما الدور الذي يلعبه في استراتيجية المجموعة الإقليمية؟

الهدف الرئيسي من مركز الخبرة في دبي هو خدمة مجتمع القهوة؛ كل من يريد تعلم المزيد عن القهوة والحصول على مساحة للنمو. ليعبروا عن معرفتهم وخبراتهم في مساحة آمنة حيث يمكنهم إدارة وترويج منتجاتهم. الهدف الثاني هو السماح لهم بتجربة أحدث الآلات التي نمتلكها. يعمل مركز الخبرة كجسر بيننا كمصنع وبين الموزعين والبائعين والمستهلكين.

2. هل يمكنك تزويدنا بالعدد الإجمالي للأنشطة (تدريب، تذوق، فعاليات توعوية) التي استضافها المركز منذ افتتاحه وحتى نهاية عام 2025؟

في عام 2025، استضفنا أكثر من 100 فعالية، بمعدل نشاط واحد كل ثلاثة أو أربعة أيام. بالإضافة إلى ذلك، نظمنا عروضاً متنقلة وفعاليات مجتمعية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

3. هل يمكنك تصنيف طبيعة هذه الأنشطة؟ على سبيل المثال، نسبة الدورات التدريبية المعتمدة مقابل ورش العمل المفتوحة وجلسات التذوق؟

شملت الأنشطة: تدريبات وشهادات جمعية القهوة المختصة مع مدربين محليين ودوليين ضيوف، تدريبات وورش عمل فنية، دروساً احترافية وجلسات تذوق، مسابقات استضافتها سلاسل القهوة الكبرى. حتى أننا نظمنا أول مسابقة للفنيين في الشرق الأوسط وأطلقنا منحة “يامي” للقهوة للمواهب الشابة. يعمل مختبر الخبرة أيضاً كمركز للممارسة المهنية، بما في ذلك التحضير لمسابقات جمعية القهوة المختصة وجلسات معايرة الحكام. تمثل الدورات التدريبية المعتمدة أكثر من 50% من جميع الأنشطة.

4. ما هو العدد الإجمالي للمشاركين الذين استقبلهم المركز خلال عام 2025؟

استقبل المركز أكثر من 1000 مشارك في عام 2025، وهو رقم لا يزال يفاجئنا.

5. ما هي الدول الرئيسية التي ينتمي إليها هؤلاء المشاركون؟ هل هناك تركيز خاص على أسواق إقليمية معينة؟

يعكس المشاركون طبيعة دبي متعددة الثقافات. استقبلنا محترفين من جميع أنحاء الشرق الأوسط، وآسيا (بما في ذلك الهند وباكستان والفلبين وإندونيسيا وغيرها)، بالإضافة إلى شمال وشرق إفريقيا. الجمهور متنوع للغاية، ولا يهيمن سوق واحد على المشهد.

6. كم عدد الدورات التدريبية المتخصصة التي تم إجراؤها؟ وما هي البرامج الأكثر طلباً؟

أجرينا مجموعة واسعة من البرامج المتخصصة، بما في ذلك: شهادات باريستا، والتحضير، والتذوق الحسي (وصولاً إلى المستوى الاحترافي)، تقييم قيمة القهوة، ورش عمل وشهادات حكام جمعية القهوة المختصة، جلسات معايرة الحكام للمسابقات، وشهادات الفنيين المعتمدة. كانت شهادات تقييم قيمة القهوة وبرامج التدريب الفني من بين الأكثر طلباً.

7. كيف يتم استخدام جلسات التذوق لتعزيز جودة القهوة الإقليمية؟

نستضيف زيارات للمزارعين وجلسات تذوق احترافية كل شهر. وبينما لا نرى التذوق وحده كوسيلة مباشرة لتحسين جودة القهوة، فإننا نعتبره جزءاً من نهج تعليمي أوسع. تركيزنا يتجاوز التذوق لفهم كيف يؤدي نفس نوع القهوة كإسبريسو و كقهوة مقطرة. في الوقت نفسه، نقوم بأنشطة للباريستا والفنيين لضمان تقديم قهوة عالية الجودة باستمرار من خلال آلات مصانة جيداً وسير عمل محسن. كما ندعم أصحاب المقاهي من خلال الاستشارات حول اختيار المعدات المناسبة وإعدادها. هذا النهج الشمولي، الذي يجمع بين التعليم والخبرة الفنية والتميز التشغيلي، هو ما يضمن الجودة في كل كوب في نهاية المطاف.

  • نظرة استشرافية.. خطط ورؤية عام 2026

1. ما هي الخطط الرئيسية لمركز الخبرة في عام 2026؟ هل تنوون إطلاق برامج تعليمية جديدة أو عقد شراكات مع مؤسسات متخصصة؟

بحلول عام 2026، سنواصل رحلتنا في تطوير مختبر الخبرة ليصبح مركزاً معرفياً وثقافياً إقليمياً للقهوة. تشمل أولوياتنا الرئيسية: توسيع البرامج التعليمية، مع تركيز أقوى على المواطنين الإماراتيين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى أداء أعمال المقاهي، والانتقال لما وراء مهارات الباريستا إلى القيادة وريادة الأعمال والتميز التشغيلي. تعزيز التعاون مع مؤسسات القهوة المتخصصة، بما في ذلك الأكاديميات المتوافقة مع جمعية القهوة المختصة في جميع أنحاء الشرق الأوسط ومدارس الطهي، لضمان امتداد تعليم القهوة إلى عالم الطهي وعبر المنطقة الأوسع. رؤيتنا هي أن يعمل مختبر الخبرة بشكل متزايد كمكان تتقاطع فيه التكنولوجيا والثقافة واستراتيجية الأعمال، لدعم المواهب الناشئة والمشغلين الراسخين على حد سواء.

2. ما هي أهم التقنيات الجديدة أو إطلاقات المنتجات المتوقعة لعام 2026 والتي تتوقع أن تكون تحولية لصناعة القهوة في الشرق الأوسط؟

بالنظر إلى عام 2026، نتوقع أن يركز الابتكار بشكل أقل على “الآلات الجديدة” وبشكل أكبر على الأنظمة الذكية التي ترفع من مستوى الاتساق والكفاءة والاستدامة. تشمل مجالات التأثير الرئيسية: آلات القهوة المتقدمة المعتمدة على البيانات، والتي تقدم ملاحظات فورية حول الاستخلاص والاستخدام وكفاءة سير العمل. تكامل أكبر للأتمتة التي تدعم الحرفية بدلاً من استبدالها، مما يسمح للباريستا بالتركيز على الضيافة والإبداع وسرد القصص. بالنسبة للشرق الأوسط على وجه التحديد، ستكون هذه التقنيات تحولية في دعم مفاهيم المقاهي الفاخرة ذات الحجم الكبير دون المساس بالجودة أو هوية العلامة التجارية. لقد قدمنا بالفعل ابتكارات تحسن جودة الكوب، وتسرع سير العمل، وتساهم في الاستدامة الاقتصادية لكل مقهى. على سبيل المثال: تقنية “إيزي كريم” التي تسمح بالرغوة التلقائية للحليب والمشروبات النباتية عند درجة الحرارة الصحيحة ومع قوام الرغوة المناسب. والأتمتة الكاملة في آلة “نوفا أوريليا” التي تجلب الأتمتة إلى آلة الإسبريسو التقليدية؛ حيث تشترك الآلة والمطحنة في نفس وصفة القهوة، مما يضمن الطحن والاستخلاص الصحيح مع تجنب الهدر، حيث يقوم النظام بتحليل كل استخلاص وتعديل المطحنة تلقائياً عند الضرورة دون قطع العمليات.

  •  تحليل السوق، التحديات، وتوقعات 2026

1. كيف تقيم تطور قطاع القهوة في الشرق الأوسط طوال عام 2025؟ وما هي أبرز الاتجاهات؟

طوال عام 2025، استمر سوق القهوة في الشرق الأوسط في توسعه السريع. شملت الاتجاهات الملحوظة: النمو المستمر للقهوة المختصة، وخاصة بين العلامات التجارية المملوكة محلياً ذات الهويات القوية. زيادة رقمنة المقاهي، من تكامل نقاط البيع إلى منصات مشاركة العملاء. لا أزال أعتقد أن المنطقة بحاجة إلى مزيد من الوقت للمشاركة في حوار جاد حقاً حول الاستدامة، حوار ينتقل من المزاعم التسويقية إلى القرارات التشغيلية الملموسة. أصبح المستهلكون أكثر تعليماً، وتوقعات الجودة والتجربة الشاملة ترتفع بوضوح.

2. بالنسبة للسوق العالمي، أين يقف الشرق الأوسط حالياً من حيث النمو ومعايير الجودة والابتكار؟

يقف الشرق الأوسط اليوم كواحد من أسرع أسواق القهوة نمواً وأكثرها طموحاً على مستوى العالم، لا سيما من حيث الاستثمار وتصميم المقاهي وبناء العلامات التجارية. تاريخياً، اعتمدت المنطقة المفاهيم الدولية؛ نحن الآن ندخل مرحلة جديدة يصبح فيها الشرق الأوسط اختباراً للمفاهيم المتميزة القائمة على التجربة والقادرة على وضع اتجاهات في المنطقة. الخطوة التالية ستكون تحويل الابتكار المحلي إلى أفكار يمكنها التوسع والنمو خارج المنطقة.

3. ما هي التحديات الأساسية التي واجهها قطاع القهوة في المنطقة خلال العام الماضي؟

واجه القطاع عدة تحديات: تقلبات سلسلة التوريد، بما في ذلك تقلب أسعار القهوة الخضراء وفترات التوريد الأطول. ارتفاع التكاليف التشغيلية، من اللوجستيات إلى العمالة الماهرة. الضغط على المقاهي للموازنة بين المكانة الفاخرة والربحية. هذه التحديات تجبر المشغلين على إعادة التفكير في الكفاءة وسير العمل وتعقيد القائمة.

4. كيف استطاعت مجموعة سيمونيلي، والصناعة ككل، التغلب على هذه التحديات أو التكيف معها؟

استجابت مجموعة سيمونيلي من خلال التركيز على: الموثوقية والمتانة والكفاءة وزيادة الأتمتة في تصميم الماكينات، مما يقلل التكلفة الإجمالية للملكية. دعم الشركاء من خلال التدريب والدعم الفني واستشارات سير العمل، وليس فقط مبيعات المعدات. تشجيع تغيير العقلية داخل الصناعة من التوسع قصير المدى إلى التميز التشغيلي طويل المدى. على مستوى الصناعة، يعد التعاون القوي بين المصنعين والمحامص وأصحاب المقاهي أمراً ضرورياً لمعالجة هذه الضغوط بشكل مشترك.

5. بناءً على المسار الحالي، ما هي رؤيتك الشخصية لشكل قطاع القهوة في الشرق الأوسط في عام 2026؟

رؤيتي لعام 2026 هي عام من ترسيخ الجودة جنباً إلى جنب مع التوسع الذكي والانتقائي. سنرى: مفاهيم مقاهٍ أقل ولكنها أقوى، مبنية على هوية واضحة وانضباط تشغيلي. الحاجة إلى استثمار أكبر في الناس — التدريب والقيادة وثقافة الخدمة. استخدام التكنولوجيا بشكل استراتيجي لحماية الجودة على نطاق واسع. في النهاية، سيستمر الشرق الأوسط في تعريف القهوة ليس فقط كمشروب، بل كمنصة اجتماعية وثقافية وتجريبية.

6. ما هي أهم نصيحة تقدمها لرواد الأعمال والمستثمرين الجدد؟

ركز على التميز، سواء من خلال الجودة أو سرد القصص أو الاستدامة أو المجتمع. سيهيمن اللاعبون الكبار على النطاق الواسع، لكن رواد الأعمال يمكنهم الفوز من خلال خلق المعنى والتجربة. من الضروري التميز من خلال تقديم شيء فريد وذو قيمة عالية. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تحديد جمهور مستهدف محدد بدلاً من محاولة إرضاء الجميع. ولا تتوقف أبداً عن التعلم وكن فضولياً؛ فصناعة القهوة واسعة وتتغير باستمرار. نحن نهدف إلى الارتقاء بمشهد القهوة من خلال تنظيم الأنشطة التعليمية والمجتمعية وتوفير منصات لتبادل المعرفة عبر صفحتنا على إنستغرام ومنصة “مركز معرفة القهوة” العالمية الخاصة بنا.