دبي – قهوة ورلد

أثار الإعلان الأخير عن تأجيل جديد للائحة الاتحاد الأوروبي الخاصة بمكافحة إزالة الغابات ردود فعل متباينة داخل قطاع القهوة العالمي. فبعد أن كانت اللائحة مقررة للدخول حيّز التنفيذ نهاية 2024، تم تأجيلها أولًا إلى 2025، قبل أن يصوّت البرلمان الأوروبي على تمديد إضافي حتى ديسمبر 2026، وذلك بأغلبية 402 صوتًا مقابل 250.

هذه اللائحة تهدف إلى إلزام الشركات الأوروبية بتوثيق مصادر منتجاتها الزراعية ــ ومن بينها القهوة ــ وإثبات خلوها من أي ارتباط بإزالة الغابات. ورغم أنها موجّهة للأعمال داخل الاتحاد الأوروبي، فإن تأثيرها سيطال السلسلة الكاملة لإنتاج وتوريد القهوة في البلدان المنتجة.

  • انقسام داخل الصناعة حول قرار التأجيل

على مدار العام الماضي، دعا بعض الفاعلين في القطاع إلى تأجيل التنفيذ بدعوى عدم جاهزية البُنى التقنية المطلوبة، فيما حذّرت شركات عالمية كبرى من أن المزيد من التأجيل قد يضعف الجهود الدولية الرامية للحد من فقدان الغابات.

  • سباق لتتبع مصادر القهوة

برزت شركة “باكت” البريطانية المتخصصة في القهوة كإحدى أوائل الشركات التي تبنّت نماذج صارمة للتتبع والاستدامة. وقال مدير القهوة والتأثير الاجتماعي في الشركة، ويل كوربي، إن التحضيرات داخل القطاع تحسنت مقارنة بالعام الماضي، إلا أن مستويات الجاهزية لا تزال متفاوتة.

وأضاف أن التأجيل السابق جاء نتيجة ضعف البنية التحتية لدى كثير من القطاعات الزراعية الأخرى، وليس القهوة فقط، ورغم التحسن الملحوظ هذا العام فإن بعض الجهات ما زالت متأخرة بشكل كبير.

  • صعوبات تواجه صغار المزارعين

يواجه صغار المنتجين في الدول المصدّرة تحديات كبيرة، أبرزها نقص الإمكانيات التقنية والمالية اللازمة لإجراء الخرائط الجغرافية لمزارعهم، وهو مطلب أساسي للامتثال للائحة الاتحاد الأوروبي.

في يوليو 2025 بدأت السلطات الكينية مشروعًا وطنيًا لرسم الخرائط الجغرافية لجميع مزارع القهوة. ووفقًا لهيئة الزراعة والغذاء في كينيا، لم يكن قد تم توثيق سوى 30% من المساحة المزروعة بالقهوة في 16 من أصل 33 مقاطعة، بما يعادل 32688 هكتارًا.

ويرى كوربي أن التأجيل يمنح المزارعين وقتًا إضافيًا ضروريًا للاستعداد، محذرًا من أن اعتماد المزارع على المصدّرين لإجراء الخرائط قد يؤدي إلى “ارتباط قسري” بين الطرفين، مما يحد من قدرة المنتجين على اختيار المشترين وتحقيق أفضل الأسعار.

ويؤكد أن المطلوب ليس إتقان التكنولوجيا، بل توفير آلية شفافة تسمح بنقل بيانات الخرائط بين مختلف المشترين دون حصر المزارع بجهة واحدة.

  • أهمية التمديد الجديد

يمنح التمديد الإضافي الشركات عامًا آخر لاختبار الأنظمة وتعزيز الاستعدادات وتقليل المخاطر المرتبطة بالأخطاء، خصوصًا في ظل الغرامات الكبيرة المتوقعة عند عدم الامتثال.

ويقول كوربي إن هذا الوقت قد يُسهم في تعزيز ممارسات التوريد الأخلاقي إذا تم استخدامه لدعم المنتجين وتحسين تبادل البيانات داخل السلسلة.

  • تأثيرات متوقعة رغم التأجيل

رغم إرجاء التنفيذ، فإن العديد من شركات القهوة في أوروبا كانت تستعد أساسًا لموعد 2025، مما قد يؤدي إلى ظهور تأثيرات فعلية على أرض الواقع في 2026.

وتستثمر كبرى الشركات الأوروبية مبالغ كبيرة لتحديد مصادر القهوة بدقة ورسم خرائط المزارع، وهو ما سيُسرّع من تحسين الشفافية لعشرات الآلاف من المزارعين حول العالم.

وتشير شركة “باكت” إلى أنها تعتمد منذ 13 عامًا على قهوة قابلة للتتبع بالكامل ومنتجة عبر علاقات طويلة الأمد مع المزارعين، معتبرة أن الشفافية هي الطريق الأمثل لضمان حصول المنتجين على أسعار عادلة وتحسين مستوى معيشتهم.