بون، ألمانيا — قهوة ورلد
أطلقت المنصة العالمية للقهوة (GCP) تحالفاً غير مسبوق يضم عدداً من كبرى شركات القهوة العالمية، بالشراكة مع الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وذلك باستثمار جماعي يبلغ 2 مليون يورو. وتهدف هذه المبادرة إلى معالجة التحديات الهيكلية والبيئية التي تواجه صغار مزارعي القهوة في كينيا وأوغندا، عبر تحسين سبل عيشهم وتعزيز قدرتهم على التكيف مع التغيرات المناخية، وضمان استعداد القطاع للالتزام بالتشريعات الأوروبية الجديدة. وتضم الشركات الأعضاء في هذا التحالف أسماء بارزة مثل إيكوم، وجي دي إي بيتس، ولويس دريفوس كومباني، وأوفي، وسوكدين، وتايلورز أوف هاروغيت، وتوتون.
تأتي هذه الخطوة في ظل تحديات وجودية تلوح في الأفق، حيث لا يزال المزارعون في البلدين يكسبون أقل بكثير من دخل العيش الكريم، مما يحد من قدرتهم على الاستثمار في أراضيهم. وتشير التقديرات إلى أن إنتاجية مزارع القهوة الحالية لا تتجاوز ربع إمكاناتها الكامنة بسبب عوامل متعددة، أبرزها قدم الأشجار وعدم صيانتها، وضعف أنظمة الإرشاد الزراعي التي تفشل في تقديم التدريب الكافي على الممارسات الزراعية الجيدة. ويضاف إلى ذلك الخطر الفوري المتمثل في فقدان الوصول إلى أسواق الاستيراد الرئيسية، لا سيما مع قرب تفعيل لائحة إزالة الغابات وتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات للاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يفاقم مخاطر هجرة الجيل القادم من المزارعين عن القطاع ويهدد الإمدادات المستقبلية.
وفي سبيل مواجهة هذه التحديات المنهجية، يركز البرنامج، الذي يمتد بين عامي 2025 و2027، على معالجة الأسباب الجذرية التي تعيق ازدهار المزارعين. وقد تم تخصيص الاستثمار لبرامج تجريبية تهدف إلى سد الفجوة في خدمات الإرشاد الزراعي في “الميل الأخير”، حيث من المستهدف الوصول إلى 18,000 مزارع إضافي غير مشمولين حالياً ضمن أي مخططات للاستدامة. وتطمح المبادرة إلى تحقيق زيادة في غلة القهوة للمزارعين بنسبة 20% وزيادة في الدخل بنسبة 10% بحلول نهاية عام 2027. وقد أكدت المديرة التنفيذية للمنصة العالمية للقهوة أن هذا التعاون يمثل خطوة متقدمة في كيفية عمل قطاع القهوة معاً لتعظيم الاستثمار وتوسيع نطاق الممارسات المستدامة، متجاوزاً بذلك المصالح الفردية لصالح القطاعات الوطنية الأوسع.

ويُبنى العمل في أوغندا على أساس مبادرة “الشباب من أجل القهوة” الناجحة، حيث سيتم توسيع نطاق المبادرة لإنشاء 75 وحدة أعمال شبابية جديدة وتوظيف 150 شاباً لتقديم خدمات إعادة تأهيل وتجديد وزراعة حراجية، مع التركيز على إعادة تأهيل نحو 487,500 شجرة قهوة. ولضمان استمرارية هذه المشاريع، سيتم ربط وحدات الأعمال الشبابية بسلاسل الإمداد القائمة لتوفير قاعدة عملاء مستقبلية ثابتة لخدماتهم. وفي سياق متصل، يشمل العمل في كينيا جهوداً مكثفة لتعزيز الحوكمة وشفافية السوق، حيث سيتم تدريب واعتماد 40 مدرباً رئيسياً جديداً من قبل معهد أبحاث القهوة، لربطهم بالتعاونيات القائمة مثل تعاونية أوثايا لتدريب 8,000 مزارع. كما تتضمن المبادرة خطوة محورية لزيادة شفافية الأسعار من خلال تحديث أداة تتبع الأسعار الخاصة ببورصة نيروبي للقهوة، مما يتيح للمزارعين توقع دخلهم بشكل أفضل ويشجع على كفاءة ممارسات التعاونيات.
وعلى صعيد الامتثال التنظيمي، يخصص البرنامج جزءاً أساسياً لدعم المبادرات المشتركة بين القطاعين العام والخاص في البلدين لتحسين جاهزيتهما للتشريعات الأوروبية، وذلك عبر تسهيل عقد اجتماعات فرق العمل والتوعية القطاعية من خلال المنصات القُطرية للقهوة في كينيا وأوغندا. ويُعد هذا الجانب حاسماً لضمان استمرارية الوصول إلى الأسواق الحيوية في أوروبا. ويجمع هذا التحالف بين الأعضاء في القطاع الخاص، للعمل معاً جنباً إلى جنب مع مبادرة سلاسل التوريد الزراعية المستدامة (SASI)، الممولة من الوزارة الألمانية. وتتولى المنصات القُطرية التابعة للمنصة العالمية للقهوة في كينيا وأوغندا تنسيق البرنامج لضمان أن تُغذى الدروس المستفادة المناقشات الوطنية، مما يدعم خطة العمل الجماعي لكل دولة من أجل ازدهار المزارعين.


