حوار مع موسى كدير، الرئيس التنفيذي لتطوير الجذب والمنتجات السياحية، وزارة السياحة – إثيوبيا
أديس أبابا – قهوة وورلد و بونا كورس
لطالما كانت القهوة المنتج الإثيوبي الأكثر وضوحاً في التصدير العالمي، إلا أن إمكاناتها كتجربة سياحية ما تزال غير مستغلة إلى حد كبير. ففي حين نجحت العديد من الدول المنتجة للقهوة في تحويل المزارع ومواقع المعالجة وطقوس التذوق وثقافة المقاهي إلى رحلات غامرة للزوار، غالباً ما قلَّلت دول المنشأ نفسها من استخدام هذا البُعد التجريبي.
تمتلك إثيوبيا، موطن قهوة الأرابيكا، ميزة نادرة. فالقهوة هنا ليست مجرد منتج زراعي، بل هي ثقافة حية منسوجة في الحياة اليومية والطقوس الاجتماعية والمناظر الطبيعية والهوية. يمثل تحويل هذا العمق إلى تجارب سياحية منظمة ومستدامة إحدى أكثر الجبهات الواعدة لتطوير الوجهات.
خلال رحلة أصول القهوة الثانية (COT 2) التي نظمتها شركة كيرشانشي، التقت مجموعة متنوعة من المشترين الدوليين، ومحمّصي القهوة، ورواة القصص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمسؤولين التنفيذيين في مجال السياحة، وقادة القطاع، ليختبروا مشهد القهوة الإثيوبي بشكل مباشر. وكجزء من هذه الرحلة، جلست “قهوة وورلد” و”بونا كورس” مع الرئيس التنفيذي لتطوير الجذب والمنتجات السياحية بوزارة السياحة في إثيوبيا لمناقشة كيفية توافق سياحة القهوة مع الأجندة السياحية الوطنية وما يلزم للارتقاء بالقهوة إلى منتج سياحي قادر على المنافسة عالمياً.
قهوة × بونا: كيف تضع الوزارة القهوة حالياً ضمن أجندة التنمية السياحية الوطنية الأوسع، وما هي الفرص التي ترونها لإضفاء الطابع الرسمي على القهوة كمنتج سياحي منظم؟
موسى كدير: لقد اعترفت الوزارة بالفعل بالقهوة كعنصر أساسي ضمن العلامة التجارية السياحية الوطنية لإثيوبيا، وهي “أرض الأصول”، والتي تضع البلاد كمهد قهوة الأرابيكا. وينعكس هذا الاعتراف أيضاً في السياسة الوطنية المنقحة لتنمية السياحة، والتي تؤكد صراحة على تطوير منتجات سياحية متخصصة.
ضمن هذا الإطار، يُنظر إلى القهوة على أنها منتج سياحي أساسي ذو اهتمام خاص، وتجربة تكميلية يمكنها تعزيز مسارات السفر الأوسع. يوفر هذا الأساس السياساتي فرصاً قوية لإضفاء الطابع الرسمي على سياحة القهوة من خلال منتجات وباقات وتخطيط وجهات منظمة.

قهوة × بونا: من منظور تطوير الوجهات، ما الذي يمنح إثيوبيا ميزة تنافسية فريدة في سياحة القهوة مقارنة بالبلدان المنتجة الأخرى؟
موسى كدير: لا تكمن ميزة إثيوبيا في أنها منحت العالم قهوة الأرابيكا فحسب، بل في الارتباط الثقافي العميق بالقهوة نفسها. القهوة في إثيوبيا جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية.
إن طريقة الإثيوبيين في تحضير القهوة وتقديمها ومشاركتها تعكس ثقافة حية وليست تجربة مُعدّة. هذا التقارب الثقافي هو شيء لا يمكن لأي بلد آخر منتج للقهوة أن يكرره، ويوفر لإثيوبيا أساساً فريداً وأصيلاً لسياحة القهوة.
قهوة × بونا: ما هي أجزاء سلسلة قيمة القهوة التي تعتقدون أنها تحمل أقوى الإمكانات لتصميم التجربة – مستوى المزرعة، المعالجة، الثقافة، التراث، فنون الطهي، التجارة، أم مزيج منها؟
موسى كدير: يوفر مزيج من تجارب مستوى المزرعة، والمعالجة، والثقافة، والتراث، وفنون الطهي أقوى الإمكانات بشكل عام. تسمح هذه العناصر مجتمعة للزوار بفهم القهوة كرحلة كاملة بدلاً من لحظة واحدة.
ومن بين هذه العناصر، فإن مزيجاً منظماً ومخصصاً من تجارب مستوى المزرعة والمعالجة يحمل جاذبية قوية بشكل خاص بسبب تفرده وجاذبيته. تتيح هذه المراحل للزوار مشاهدة تحول القهوة بشكل مباشر، وهو أمر محوري لتجارب سياحية ذات مغزى.
قهوة × بونا: هل تعمل الوزارة على مبادئ توجيهية أو معايير أو أطر سياسات وطنية لدعم نمو تجارب سياحة القهوة مثل جولات المزارع، وجلسات التذوق، وزيارات المعالجة، أو مسارات التراث؟
موسى كدير: بناءً على الاعتراف بالقهوة كمنتج سياحي متخصص محتمل، نظمت الوزارة في السابق رحلات تعريفية تركز على القهوة لوسائل الإعلام والمجتمعات الدبلوماسية.
في الآونة الأخيرة، وإدراكاً للحاجة إلى استراتيجيات أعمق، بدأت الوزارة العمل مع شركاء مثل وكالة التعاون الدولي اليابانية (JICA) لتحديد الممرات الرئيسية لإنتاج القهوة في إثيوبيا. سيدعم هذا العمل تطوير باقات جولات قهوة منظمة بشكل جيد على المستوى الوطني.
تخطط الوزارة أيضاً لتنظيم ندوة توعية وطنية حول سياحة القهوة ستجمع أصحاب المصلحة الرئيسيين عبر سلسلة القيمة، وتعمل على إعداد مبادئ توجيهية شاملة لتطوير الوجهات والمنتجات السياحية تتماشى مع سياسة السياحة المنقحة.

قهوة × بونا: كيف تنظر الوزارة إلى دور الجهات الفاعلة الرئيسية في القطاع الخاص مثل شركة كيرشانشي في تشكيل المشهد المستقبلي لسياحة القهوة؟
موسى كدير: لدى الوزارة اعتقاد راسخ بالدور الحيوي الذي تلعبه الجهات الفاعلة في القطاع الخاص المرتبطة بصناعة القهوة.
ولهذا السبب تعاونت الوزارة في جولة القهوة الأخيرة التي نظمتها لجنة السياحة في أوروميا وشركة كيرشانشي بالاشتراك. وبالنظر إلى المستقبل، فقد حددت الوزارة أيضاً اجتماعات متتالية مع الجهات الفاعلة الرئيسية في قطاع القهوة لتسهيل العصف الذهني والمناقشات التي تركز تحديداً على تطوير القهوة لأغراض السياحة.
قهوة × بونا: ما هي أنواع التعاون المشترك بين القطاعات المطلوبة بين السياحة، والزراعة، والثقافة، والتجارة، والحكومات الإقليمية لبناء منصة موحدة لسياحة القهوة؟
موسى كدير: نظراً لأن سلسلة قيمة القهوة مشتركة بين القطاعات بطبيعتها، فمن الأهمية بمكان أن يتوصل جميع أصحاب المصلحة إلى مستوى مماثل من الفهم من أجل النجاح في وضع القهوة في سياق السياحة.
تتولى الوزارة دوراً تحفيزياً من خلال إنشاء منصات تجمع أصحاب المصلحة معاً وإرساء الأساس لتعاون قوي يمكن أن يستمر في المستقبل.
قهوة × بونا: بناءً على ما لاحظتموه في هذه الزيارة الميدانية حتى الآن، ما هي نقاط القوة أو الابتكارات أو قصص المجتمع التي تبرز كقابلة للتحويل مباشرة إلى عروض سياحية؟
موسى كدير: كشفت الزيارة أن هناك شركات نموذجية، مثل كيرشانشي، تتماشى مع الأولويات الوطنية لجعل القهوة إحدى المزايا السياحية التنافسية لإثيوبيا.
تتولى هذه الجهات الفاعلة زمام المبادرة في عرض تجارب ذات مغزى ضمن قدرتها. ومع ذلك، سلطت الزيارة الضوء أيضاً على الحاجة إلى زيادة تعزيز مشاركة المجتمع المحلي، وتحسين الجاهزية بين السلطات المحلية، وتنظيم الموارد بشكل أفضل على المستوى المحلي.
إن الفهم المشترك والتعاون بين أصحاب المصلحة ضروريان للإيجاد المستدام لثقافة وطنية قوية لسياحة القهوة.
قهوة × بونا: كيف يمكن لسياحة القهوة أن تدعم التنمية المجتمعية المحلية، والاقتصادات الإقليمية، وخلق فرص العمل عبر مقاطعات القهوة الرئيسية مثل غوجي، وسيداما، وييرغاتشيفي، وجيما، وكافا؟
موسى كدير: في الوقت الحاضر، تخدم القهوة دورها التجاري التقليدي بشكل أساسي. ومع ذلك، أظهرت الرحلات التعريفية الأخيرة – وخاصة تلك التي قادتها “قم بزيارة أوروميا” – كيف يمكن تطوير السياحة جنباً إلى جنب مع أنظمة القهوة القائمة.
يمكن لهذه المبادرات أن تساعد في خلق مزايا اقتصادية دائمة من خلال السياحة، بما في ذلك خلق فرص العمل وتنويع الدخل في مناطق إنتاج القهوة الرئيسية.

قهوة × بونا: ما هي الروايات أو الخطوط القصصية التي يجب على إثيوبيا إعطاؤها الأولوية عند وضع نفسها دولياً كمهد للقهوة ووجهة سياحية فريدة؟
موسى كدير: من الأهمية بمكان الانخراط بحزم في الاستفادة من هوية إثيوبيا كمهد للقهوة. علاوة على ذلك، يتطلب الأمر إبداعاً لتحويل ثقافة القهوة اليومية إلى تجارب سياحية جذابة.
ثقافة القهوة في إثيوبيا متجذرة بعمق ومتنوعة في جميع أنحاء البلاد. إن تفسير هذا التراث بطريقة تلقى صدى لدى المسافرين الدوليين – سواء كتجربة ذات اهتمام خاص أو كعرض تكميلي – أمر ضروري.
يجب أن تركز الروايات على ثقافات القهوة المحلية في إثيوبيا وعلى تنظيم تفسيرها في منتجات سياحية مصممة بشكل جيد.
قهوة × بونا: كيف تخطط الوزارة لضمان نمو سياحة القهوة بطريقة مستدامة بيئياً وثقافياً؟
موسى كدير: بدأت الوزارة مؤخراً فقط في هيكلة البرامج التي تضع القهوة في سياق السياحة بشكل منهجي. ولضمان الاستدامة، تعمل على إعداد خطة وطنية شاملة لتطوير وإدارة الوجهات السياحية.
ستوجه هذه الخطة التنمية السياحية عبر سلسلة القيمة بأكملها، بما في ذلك التجارب المتعلقة بالقهوة، وستضمن الاستدامة البيئية والثقافية.

قهوة × بونا: ما هو مستوى الاستثمار أو تطوير البنية التحتية المطلوب للارتقاء بمناطق مختارة لإنتاج القهوة إلى مواقع سياحية ذات معايير دولية؟
موسى كدير: يمكن الوصول إلى معظم ممرات القهوة بالفعل، ولكن مع تزايد قدرة سياحة القهوة على المنافسة، سيتطلب الأمر بنية تحتية أساسية مثل تحسين الوصول داخل المزارع، ومرافق الإقامة، والتعاون المجتمعي المنظم.
في حين أن مزارع القهوة منظمة بشكل جيد للإنتاج، هناك حاجة إلى جهد إضافي لتحويلها إلى تجارب سياحية. يمكن تحقيق ذلك على أفضل وجه من خلال التعاون بين أصحاب المزارع والمؤسسات الحكومية ومنظمات السياحة.
قهوة × بونا: ما هي الخطوات التالية الفورية التي تتصورها الوزارة بعد هذه الرحلة، وكيف يمكن لهذه الرؤى أن تشكل برامج وزارة السياحة القادمة أو الحملات الوطنية المتعلقة بالقهوة؟
موسى كدير: بدأت الوزارة بالفعل التخطيط حول سياحة القهوة والإمكانات المتخصصة المماثلة. ولضمان الاستخدام المستدام والطويل الأمد، ستركز على إعادة تصميم نماذج الباقات السياحية التي تدمج القهوة كتجربة ذات اهتمام خاص وكعرض سياحي تكميلي.
ستغذي هذه الرؤى بشكل مباشر برامج الوزارة القادمة والحملات السياحية الوطنية.


