ليبيريكا… رؤية جديدة قد تغيّر مستقبل الزراعة والحفاظ على التنوع
دبي، 12 أغسطس 2025، (قهوة ورلد) – نشرت مجلة “نباتات الطبيعة” دراسة محورية أعادت رسم الخريطة الجينية لعالم القهوة.
أكد فريق من الباحثين بقيادة العالم أندرو ديفيس، من خلال تحاليل جينية عالية الدقة ودراسات شكلية وبيئية، أن ما كان يُعتبر لسنوات نوعًا واحدًا من البن الليبيريكا هو في الحقيقة ثلاثة أنواع مستقلة:
-
الليبيريكا
-
الإكسلسا
-
الكليني
هذا التصنيف الجريء يرفع العدد الرسمي لأنواع البن المعروفة من 131 إلى 133، منهياً عقودًا من الغموض التصنيفي، ويفتح آفاقًا جديدة لتطوير محاصيل البن والحفاظ عليها، خصوصًا في ظل تغير المناخ.
من نوع واحد إلى ثلاثة: كيف تم إثبات الانقسام
قام الفريق بتحليل 353 جينًا نوويًا عبر 55 عينة باستخدام تقنية متخصصة لدراسة النباتات، كما فحص 2240 علامة جينية، والخصائص المورفولوجية، والتوزيع الجغرافي.
كشفت النتائج عن ثلاث مجموعات جينية منفصلة، لكل منها نطاق بيئي خاص:
-
الليبيريكا: تنمو بريًا في أعالي غرب إفريقيا – سيراليون، ليبيريا، ساحل العاج، غانا، نيجيريا.
-
الإكسلسا: موطنها إفريقيا الوسطى – جمهورية الكونغو، الكاميرون، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إفريقيا الوسطى، جنوب السودان، أوغندا.
-
الكليني: متوطنة في وسط غرب إفريقيا – الكاميرون، الغابون، جمهورية الكونغو، كابيندا.
أهمية الاكتشاف للمزارعين
رغم أن إنتاج الليبيريكا والإكسلسا معًا يمثل أقل من 0.01% من صادرات البن العالمية (أقل من ألف طن في عام 2024)، فإن الإنتاج يتوسع في أوغندا، جنوب السودان، الهند، فيتنام، ماليزيا، الفلبين، إندونيسيا، وحتى جزر المحيط الهادئ.
-
الإكسلسا: إنتاجية أعلى، أزهار أكثر في كل عقدة، بذور أصغر شبيهة بالأرابيكا، لب ورق أرق، إنتاجية أفضل، مناسبة للمناخات الباردة نسبيًا (500–1200 متر، حرارة بين 22 و25 درجة مئوية، أمطار 1500–1800 ملم)، كما تتميز بقدرة عالية على تحمل الجفاف مما يجعلها بديلًا محتملًا للروبوستا في المناخات الحارة.
-
الليبيريكا: بذور أكبر، نكهات مميزة للأسواق المتخصصة، تنمو على ارتفاعات منخفضة (10–500 متر) وفي مناخات حارة (24–27 درجة مئوية) مع أمطار غزيرة (2000–4000 ملم)، ولها قدرة عالية على التكيف مع المناطق المدارية المنخفضة ومقاومة لصدأ أوراق القهوة.
تشير الدراسة أيضًا إلى إمكانية التهجين بين النوعين لجمع مزايا إنتاجية الإكسلسا مع قوة تحمل الليبيريكا.
الخصائص المورفولوجية والمناخية
-
الإكسلسا: أوراق أطول وأعرض، ثمار أصغر، لب أرق (سمك الغلاف 0.31 ملم مقارنة بـ 0.57 ملم في الليبيريكا).
-
الكليني: أقرب في شكلها إلى الليبيريكا، لكنها تتميز بنورات جالسة غير متفرعة وثمار بيضاوية ضيقة.
مناخيًا، تتحمل الليبيريكا الأمطار الموسمية مما يجعلها مناسبة للمناطق ذات الفصول الممطرة والجافة الواضحة، بينما تنجح الإكسلسا في المناطق ذات الأمطار المنتظمة، خاصة في الغابات النهرية.
دعوة عاجلة للحفاظ على الأنواع
أظهرت البيانات أن النطاق الطبيعي للليبيريكا انخفض بنسبة 94.8%، حيث تقلص مدى انتشارها من 6.8 مليون كيلومتر مربع إلى 352 ألف كيلومتر مربع فقط، ومساحة تواجدها الفعلي إلى 52 كيلومترًا مربعًا، مما قد ينقلها من فئة “أقل قلقًا” إلى “معرضة للخطر” وفق معايير الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.
كما تواجه الكليني خطر فقدان موائلها الطبيعية، بينما الإكسلسا أقل تهديدًا لكنها تتأثر بإزالة الغابات.
الأنواع البرية تحتفظ بتنوع جيني لا غنى عنه لتطوير قهوة مقاومة لتغير المناخ، وفقدانها قد يقلل قدرة القطاع على التأقلم مستقبلًا.
الأثر على صناعة القهوة
يوفر هذا التصنيف الجديد:
-
للمربين: حدود جينية دقيقة لتطوير السمات المرغوبة.
-
للمزارعين: أنواع مناسبة لمناخاتهم وارتفاع أراضيهم.
-
للمهتمين بالحفاظ على الطبيعة: خرائط واضحة لحماية الأنواع المهددة.
مع تصاعد ضغوط المناخ على الأرابيكا والروبوستا، قد تمثل أنواع الليبيريكا المعاد تعريفها ركيزة أساسية لبناء مستقبل أكثر تنوعًا واستدامة لإمدادات القهوة، إذا ما استثمر القطاع في برامج التهجين والتجارب الزراعية وحماية المواطن الطبيعية.