أمسية رمضانية تحتفي بالقهوة المكسيكية في متحف القهوة بدبي

أمسية رمضانية تحتفي بالقهوة المكسيكية في متحف القهوة بدبي

في ليلة رمضانية هادئة، حيث امتزجت نفحات القهوة بروح الشهر الكريم، فتح متحف القهوة في دبي أبوابه لاستضافة أمسية خاصة جمعت بين التاريخ والثقافة. وبالتعاون مع مجلس الأعمال المكسيكي، تم تنظيم لقاء سحور فريد من نوعه، حيث تم تقديم القهوة والكاكاو المكسيكي الأصيل، وهما مشروبان عطريان يتجاوزان كونهما مجرد شراب ليصبحا رمزًا لتراث متجذر في الأعماق.

ليس غريبًا أن يكون فنجان القهوة بداية لحوار عميق يربط بين الثقافات المختلفة. فقد كان هذا المشروب العريق رفيق الفكر والمجالس عبر العصور. وفي هذا السياق، أكد مجلس الأعمال المكسيكي على أهمية التبادل الثقافي وتعزيز العلاقات بين الشعوب، موضحًا أن القهوة والكاكاو ليسا مجرد مشروبات، بل هما وسيلة لفتح آفاق جديدة للتواصل والأعمال. وكجزء من هذه الفعالية، قدم المجلس الكاكاو المكسيكي الأصيل، بما في ذلك الصنف الفريد الكاكاو الكريولي الأبيض المكسيكي، الذي جذب اهتمام الحضور. يُعد هذا الصنف النادر والقيم جزءًا من التراث الزراعي الغني للمكسيك، كما أنه يتميز بنكهات استثنائية تتكامل بشكل رائع مع القهوة.

شهدت الأمسية حضور عدد كبير من عشاق القهوة ورواد الأعمال الذين حرصوا على التعمق في عالم القهوة والكاكاو المكسيكي، وهما كنزان قد يجهلهما الكثيرون. استمتع الحضور بتذوق مشروبات معدّة من أجود حبوب القهوة المزروعة في مرتفعات تشياباس وفيراكروز، حيث تمتزج الطبيعة الخلابة بخبرة المزارعين لتنتج نكهات تحمل دفء الشمس وعطر الأرض.

رحبت ميليسا أوروتزوستيغوي بالحضور بحرارة، معبرة عن سعادتها بهذا اللقاء المميز، ودعت الجميع للانغماس في تجربة القهوة والكاكاو المكسيكي، حيث تحمل كل رشفة إرثًا يمتد لقرون.

من جهته، قاد خالد الملا، مؤسس متحف القهوة في دبي ورئيس جمعية القهوة المختصة في الإمارات، الحضور في جولة ساحرة داخل المتحف. وبين المقتنيات النادرة والأدوات التاريخية، سرد الملا قصة القهوة منذ اكتشافها على يد صوفي يمني في القرن الخامس عشر، وكيف انتقلت عبر القارات لتصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة البشرية.

لم تكن الجولة مجرد عرض للمقتنيات، بل كانت رحلة عبر الزمن، حيث أضفى الملا على حديثه لمسات من الشغف والمعرفة، مستعينًا بأدلة علمية وقصص تاريخية مشوقة جعلت الحضور ينغمسون في عالم القهوة وكأنهم شهود على نشأتها.

خصص جزء خاص من الأمسية لاستعراض القهوة والكاكاو المكسيكي بكل تفاصيلهما، من الأصناف النادرة إلى طرق التحضير التقليدية. تم تقديم المشروبات بأساليب مستوحاة من تقاليد شعوب المايا والأزتك، الذين كانوا من أوائل الشعوب التي استخدمت حبوب القهوة والكاكاو في طقوسهم المقدسة.

تعد المكسيك واحدة من كبار منتجي القهوة والكاكاو في العالم، ويعود ذلك إلى بيئتها المتنوعة التي تمنح الحبوب طابعًا فريدًا من النكهات التي تتراوح بين الشوكولاتة الداكنة والتوابل العطرية. ومن الطرق التقليدية الشهيرة لتحضير القهوة المكسيكية “كافيه دي أولا”، حيث تُطهى القهوة ببطء في وعاء فخاري مع القرفة والسكر البني، مما يمنحها مذاقًا دافئًا يأسر الحواس. وبالمثل، يتميز الكاكاو المكسيكي، خاصة الصنف الكريولي الأبيض، بمذاقه الراقي وقيمته التاريخية، مما يجعله مكملًا مثاليًا لتجربة القهوة الفريدة.

خلال الأمسية، أبدى الحضور اهتمامًا كبيرًا بالتعرف على ثقافة القهوة والكاكاو. وأكد خالد الملا أن هذه المشروبات لم تكن يومًا مجرد وسائل للضيافة، بل كانت أشبه بمنصة اجتماعية قديمة، مثل “وسائل التواصل الاجتماعي” في عصرنا الحديث.

وفي ختام الليلة، غادر الضيوف وهم يحملون معهم أكثر من مجرد نكهات غنية وأكواب فارغة؛ بل حملوا قصصًا من الماضي ومعرفة أعمق بثقافة القهوة والكاكاو المكسيكي، وهي ثقافة تُحكى ليس بالكلمات فقط، بل بكل رشفة تكشف بين سطورها تاريخًا طويلًا من الشغف والتقاليد.

يقع متحف القهوة في حي الفهيدي التاريخي، حيث يروي قصة القهوة عبر العصور بأسلوب يجمع بين التراث والحداثة. يتيح المتحف للزوار فرصة استكشاف طرق تحميص القهوة وتخميرها من مختلف الثقافات، مثل العربية والإثيوبية واليابانية. كما يضم مجموعة من الأدوات العتيقة التي استخدمت عبر التاريخ، بالإضافة إلى مكتبة أدبية زاخرة بكتب نادرة عن القهوة.

إنه ليس مجرد متحف، بل بوابة لعالم القهوة بكل تفاصيله، حيث يمكن للزوار التجول بين معروضاته واكتشاف كيف أصبح هذا المشروب جزءًا لا يتجزأ من ثقافات الشعوب حول العالم.

في النهاية، تبقى القهوة والكاكاو أكثر من مجرد مشروبات دافئة، فهما قصص تُروى، وتراث يُحتفى به، وجسر يربط بين الشعوب. وقد جسدت هذه الأمسية الرمضانية هذا المفهوم بامتياز، حيث جمعت بين روح المكسيك ونبض دبي تحت سقف واحد، في حضرة القهوة والكاكاو.

Spread the love
نشر في :